للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحنابلة والظاهرية: يشترط رضا المحيل فقط، وأما المحال والمحال عليه فيلزمهما قبول الحوالة؛ لأن الأمر في الحديث عندهم للوجوب كما عرفنا، ولايعتبر رضاهما (١)، بعكس الحنفية تماماً، واكتفى الحنابلة باشتراط علم المحال به والمحال عليه. والسبب في عدم اشتراط رضا المحال عليه هو أن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه وبوكيله، وقد أقام المحال مقام نفسه في القبض، فلزم المحال عليه الدفع إليه كالوكيل.

وقال المالكية في المشهور عندهم والشافعية في الأصح عندهم: يشترط لصحة الحوالة رضاالمحيل والمحال فقط؛ لأن للمحيل إيفاء الحق من حيث شاء، فلا يلزم بجهة معينة، وحق المحال في ذمة المحيل، فلا ينتقل إلا برضاه؛ لأن الذمم تتفاوت في الأداء والقضاء. وأما المحال فلا يجب عليه الرضا بالحوالة؛ لأن الأمر في الحديث الوارد بمشروعية الحوالة للاستحباب، فلا يلزم المحال قبول الإحالة.

ولايشترط رضا المحال عليه؛ لأنه محل الحق والتصرف، ولأن الحق للمحيل فله أن يستوفيه بغيره، والأمر هو مجرد تفويض بالقبض، فلا يعتبر رضا من عليه، كما لو وكل إنسان غيره بقبض دينه، ويخالف المحال عليه المحال بأن الحق له فلا ينقل بغير رضاه كالبائع، أما المحال عليه فالحق عليه، فلا يعتبر رضاه، كالشيء المبيع (٢).

يفهم مما سبق أن للحوالة عند الجمهور غير الحنفية أركاناً أو عناصر ستة تقوم عليها وهي: محيل وهو المدين، ومحال ويسمى أيضاً محتالاً وحويلاً وهو رب الدين أو الدائن، ومحال عليه أو محتال عليه وهو الذي التزم الدين للمحال،


(١) المغني: ٥٢٢/ ٤، ٥٢٥، ٥٢٧، غاية المنتهى: ١١٤/ ٢، كشاف القناع: ٣٧٤/ ٣.
(٢) بداية المجتهد: ٢٩٤/ ٢، الشرح الكبير: ٣٢٥/ ٣، المهذب: ٣٣٨/ ١، مغني المحتاج: ١٩٣/ ٢ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>