للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة} [البقرة:٢٨٣/ ٢].

والرهن باتفاق الفقهاء جائز في الحضر والسفر، خلافاً لمجاهد والظاهرية (١)، لإطلاق مشروعيته في السنة، وذكر السفر في الآية خرج مخرج الغالب، لكون الكاتب في الماضي غير متوافر في السفر غالباً، ولا يشترط أيضاً عدم وجود الكاتب، لثبوت جوازه في السنة مطلقاً. والآية أرادت إرشاد الناس إلى وثيقة ميسَّرة لهم عند فقدان كاتب يكتب لهم الدين.

وأما السنة: فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً، ورهنه درعاً من حديد» (٢) وعن أنس قال: «رهن رسول الله صلّى الله عليه وسلم درعاً عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيراً لأهله» (٣).

وعن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» (٤).

وعن أبي هريرة أيضاً أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يَغْلَق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غُرْمة» (٥) وغلق الرهن: استحقاق المرتهن إياه، لعجز الراهن عن فكاكه، أي لا ينفك ملك الرهن عن صاحبه، ولا يستحقه المرتهن، إذا


(١) المغني: ٣٢٧/ ٤، المهذب: ٣٠٥/ ١، البدائع: ١٣٥/ ٦، بداية المجتهد: ٢٧١/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٢٣، الإفصاح: ٢٣٨/ ١، كشاف القناع: ٣٠٧/ ٣ ومابعدها.
(٢) انظر هذا الحديث ومايليه في نصب الراية: ٣١٩/ ٤ وما بعدها، نيل الأوطار: ٢٣٣/ ٥ ومابعدها.
(٣) رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
(٤) رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي (نيل الأوطار: ٢٣٤/ ٥).
(٥) رواه الشافعي والدارقطني، وقال: هذا إسناد حسن متصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>