للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليلهم ـ كما بان سابقاً ـ قوله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة:٢٨٣/ ٢] إذ المعنى فرهن رهان مقبوضة، لأن المصدر المقترن بالفاء في جواب الشرط هو في معنى الأمر، أي «فارهنوا»، والأمر بالشيء الموصوف يقتضي أن يكون الوصف شرطاً فيه، فما شرع بصفة لا يوجد شرعاً إلا بها، فلا يلزم الرهن إلا بالقبض، ولأن الرهن عقد تبرع، لا يجبر الراهن على شيء فيه، فوجب لنفاذه وإمضائه القبض، إذ ليس للرهن قبل قبضه مظهر في الخارج إلا القبض، كما هو الشأن في الهبة والصدقة، فلا يوجد عقد الرهن شرعاً، ولا يترتب عليه أثره إلا مع القبض، ولا يلزم إلا بالقبض.

وقال المالكية (١): يلزم الرهن بالإيجاب والقبول، ويتم بالقبض. فإذا ما صدر الإيجاب والقبول، لزم العقد، ويجبر الراهن على تسليم الرهن إلى المرتهن ما لم يوجد أحد الموانع الأربعة التالية وهي:

موت الراهن بعد العقدوقبل التسليم، مطالبة الغرماء بأداء الراهن ديونهم، حالة التفليس العام (أي أن تكون الديون محيطة بمال الراهن). مرض الراهن المخوف، أو جنونه المتصلان بوفاته.

ودليلهم ـ كما سبق بيانه ـ على أن الرهن يلزم بالعقد: أن العقد والالتزام يتحققان بالإيجاب والقبول، وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:١/ ٥] والرهان عقد، والأمر للوجوب، فكان الوفاء به واجباً، من طريق لزومه بالنسبة للراهن، لأنه هو الملتزم.


(١) بداية المجتهد: ٢٧٠/ ٢ ومابعدها، الشرح الكبير: ٢٤٠/ ٣ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>