للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً ـ انتفاع الراهن بالرهن: هناك في انتفاع الراهن بالرهن رأيان: رأي الجمهور غير الشافعية بعدم جواز الانتفاع. ورأي الشافعية بجوازه ما لم يضر بالمرتهن (١). وتفصيل الأقوال فيما يأتي:

١ - قال الحنفية (٢): ليس للراهن أن ينتفع بالمرهون استخداماً أو ركوباً أو لبساً أو سكنى وغيرها، إلا بإذن المرتهن، كما أنه ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن إلا بإذن الراهن، ودليلهم على الحالة الأولى: أن حق الحبس ثابت للمرتهن على سبيل الدوام، وهذا يمنع الاسترداد. فإن انتفع الراهن من غير إذن المرتهن، فشرب لبن البقرة المرهونة، أو أكل ثمر الشجر المرهون، ونحوهما، ضمن قيمة ما انتفع به؛ لأنه تعدى بفعله على حق المرتهن، وتدخل القيمة التي هي بدل الاستهلاك في حبس المرتهن للرهن، ويتعلق بها الدين.

وإذا استعاد الراهن الرهن لاستعماله بدون إذن المرتهن، فركب الدابة المرهونة، أو لبس الثوب المرهون، أو سكن الدار المرهونة أو زرع الأرض، ارتفع ضمان المرتهن للرهن، وكان غاصباً للرهن، فيرد إلى المرتهن جبراً عنه. وإذا هلك في يده هلك عليه. فإن لم يترتب على انتفاع الراهن بالرهن رفع يد المرتهن، فله الانتفاع به، كإيجار آلة يشغلها المرتهن، مثل آلة طحن ونحوه، فأجر ما تطحنه حينئذ للراهن؛ لأن نماء الرهن وزوائده للراهن (٣)، وإذا أخذه المرتهن احتسب من دينه. وهذا المذهب مبني على أن الرهن يلحق الزيادة المتولدة من الرهن متصلة أو منفصلة عنه.


(١) الإفصاح: ٢٣٨/ ١.
(٢) البدائع: ١٤٦/ ٦، الدر المختار: ٣٤٢/ ٥ ومابعدها.
(٣) الدر المختار: ٣٧٠/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>