للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وفصل المالكية (١) فقالوا: إذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع أو اشترط المرتهن المنفعة، جاز إن كان الدين من بيع أو شبهة (معاوضة)، وعينت المدة بأن كانت معلومة، للخروج من الجهالة المفسدة للإجارة، لأنه بيع وإجارة، وهو جائز. والجواز كما قال الدردير بأن يأخذ المرتهن المنفعة لنفسه مجاناً، أو لتحسب من الدين على أن يعجل دفع باقي الدين. ولايجوز إن كان الدين قرضاً (سلفاً)؛ لأنه قرض جر نفعاً. ولا يجوز الانتفاع في حالة القرض إن تبرع الراهن للمرتهن بالمنفعة أي لم يشترطها المرتهن؛ لأنها هدية مديان، وقد نهى عنها النبي صلّى الله عليه وسلم (٢).

والخلاصة: إن هناك ثماني صور لاشتراط المرتهن منفعة الرهن لنفسه، سبعة منها ممنوعة، وواحدة منها فقط جائزة. أما الممنوعة فأربع صور منها في القرض: وهي ما إذا كانت مدة المنفعة معينة، أو مجهولة، مشترطة أو متطوعاً بها، وثلاث صور منها في البيع: وهي ما إذا كانت متطوعاً بها، سواء كانت مدتها معينة أم مجهولة، أو كانت مشترطة ولم تعين مدتها أي المدة مجهولة.

وأما الصورة الجائزة: فهي ما إذا كانت المنفعة مشترطة في عقد البيع، والمدة معينة. ومحل الجواز فيها إذا اشترطت ليأخذها المرتهن مجاناً، أو لتحسب من الدين على أن يعجل الباقي منه.

٣ - وقال الشافعية (٣) كالمالكية إجمالاً: ليس للمرتهن أن ينتفع بالعين المرهونة لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه، الذي رهنه، له غنمه وعليه


(١) الشرح الكبير للدردير والدسوقي: ٢٤٦/ ٣، بداية المجتهد: ٢٧٣/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٢٤.
(٢) عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا أقرض فلا يأخذ هدية» أي قبل الوفاء. رواه البخاري في تاريخه (نيل الأوطار: ٢٣١/ ٥).
(٣) حاشية البجيرمي على الخطيب: ٦١/ ٣، الإفصاح لابن هبيرة: ٢٣٨/ ١، مغني المحتاج: ١٢١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>