للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرمه» قال الشافعي: غنمه: زياداته. وغرمه: هلاكه ونقصه. ولا شك أن من الغُنم سائر وجوه الانتفاع. وهذا رأي ابن مسعود.

فإن شرط المرتهن في عقد القرض ما يضر الراهن، كأن تكون زوائد المرهون أو منفعته له، أي للمرتهن، بطل الشرط، والرهن في الأظهر، لحديث «كل شرط ليس في كتاب الله تعالى، فهو باطل». وأما بطلان الرهن فلمخالفة الشرط مقتضى العقد، كالشرط الذي يضر المرتهن نفسه.

أما إن كانت المنفعة مقدرة أو معلومة، وكان الرهن مشروطاً في بيع، فإنه يصح اشتراط جعل المنفعة للمرتهن؛ لأنه جمع بين بيع وإجارة في صفقة، وهو جائز. مثل أن يقول شخص لغيره: بعتك حصاني بمئة بشرط أن ترهنني بها دارك، وأن تكون منفعتها لي سنة، فبعض الحصان مبيع، وبعضه أجرة في مقابلة منفعة الدار.

فإن لم يكن الانتفاع مشروطاً في العقد، جاز للمرتهن الانتفاع بالرهن، بإذن صاحبه، لأن الراهن مالك، وله أن يأذن بالتصرف في ملكه لمن يشاء، وليس في الإذن تضييع لحقه في المرهون؛ لأنه لا يخرج عن يده، ويبقى محتبساً عنده لحقه.

٤ - وأما الحنابلة (١) فقالوا في غير الحيوان: ما لا يحتاج إلى مؤنة (قوت) كالدار والمتاع ونحوه، لا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال؛ لأن الرهن ومنافعه ونماءه ملك الراهن، فليس لغيره أخذها بغير إذنه، فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض، وكان دين الرهن من قرض لم يجز؛ لأنه قرض جر منفعة، وذلك حرام، قال أحمد: أكره قرض الدور وهو الربا المحض، يعني إذا كانت الدار رهناً في قرض ينتفع بها المرتهن.


(١) المغني: ٣٨٥/ ٤ ومابعدها، كشاف القناع: ٣٤٢/ ٣ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>