للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن جرى الصلح على منفعة العين المدعاة نفسها، كأن صالحه على أن يسكن الدار المدعاة مثلاً مدة خمس سنوات، ثم يردها إليه، فهو إعارة، تثبت فيه أحكامها؛ لأنه في معناها.

وإن جرى الصلح على بعض العين المدعاة، كأن يصالحه على ربع السيارة المدعاة، فهو هبة من المدعي لبعضها الباقي لصاحب اليد عليها وهو المدعى عليه، فتثبت أحكامها فيه، لأنه في معناها، كاشتراط قبول المدعى عليه ونحو ذلك، ويسمى هذا صلح الحطيطة؛ لأن صاحب الحق قد حط جزءاً من حقه للمدعى عليه.

ب ـ وإما أن يكون الصلح عن إقرار صلحاً عن الدين: كأن يدعي شخص على آخر مبلغاً من المال كألف دينار، فيقر المدعى عليه به، ثم يتصالحان عنه، ويصح هذا الصلح بلفظ الصلح أو البيع أو الإبراء أو الحط أو الإجارة.

ويشترط للصلح عن الدين: أن يجوز الاعتياض عنه على غيره من عين أو دين أو منفعة، فلا يصح الصلح عن دين لا يصح الاعتياض عنه كدين السلَم.

والدليل على جواز الصلح عن بعض الدين وهو صلح الحطيطة: ما أخرجه البخاري ومسلم عن كعب بن مالك رضي الله عنه: «أنه تقاضى (١) عبد الله بن أبي حدرد رضي الله عنه ديناً كان له عليه، في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما، حتى سمعها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في بيت، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى كشف سَجْف حُجْرته (٢)، فنادى كعب بن مالك، فقال: يا كعب، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده: أن ضعِ الشطر، فقال كعب: قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قم فاقضه».


(١) تقاضى: طالب بالوفاء.
(٢) سجف حجرته: بفتح السين وكسرها ستر باب غرفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>