للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا: إذا صالح على أكثر من حقه صفة لا قدراً بأن صالح من ألف رديئة على ألف جيدة، جاز الصلح، ويشترط تطبيق شروط عقد الصرف حينئذ، ومنها الحلول أو التقابض، فإذا وجد التقابض وهما في مجلس واحد جاز؛ لأن الجودة لا قيمة لها عند مقابلتها بجنسها. وإن افترقا ولم يتم القبض في المجلس بطل العقد، لأن هذا عقد صرف.

وإذا صالح على أكثر من حقه صفة وأقل منه قدراً بأن صالح من ألف درهم رديئة على خمس مئة جيدة، لا يجوز الصلح في ظاهر الرواية عند الحنفية؛ لأن الصلح من الرديء على الجيد اعتياض عن صفة الجودة، وهذا لا يجوز؛ لأن الجودة في الأموال الربوية لا قيمة لها عند مقابلتها بجنسها، للقاعدة الشرعية المروية حديثاً: «جيدها ورديئها سواء» (١) والعقد هنا عقد صرف، وليس استيفاء للحق؛ لأن مستحق الرديء لا يستحق الجيد، وإذا كان العقد صرفاً فإن من المقرر أن بيع ألف درهم رديئة بخمس مئة جيدة لا يجوز لأنه ربا.

والخلاصة: أن الصلح متى وقع على أقل من جنس حق المدعي من الدراهم والدنانير يعد استيفاء لبعض الحق، وإبراء عن الباقي. ومتى وقع على أكثر من جنس حقه منها، أو وقع على جنس آخر من دين أو عين يعتبر معاوضة (٢).

وبناء عليه: إذا صالح المدعي من الدين الحال على الدين المؤجل وهما في القدر سواء، كأن يصالح من ألف حالَّة على ألف مؤجلة، جاز الصلح، ويكون


(١) قال الحافظ الزيلعي عن هذا الحديث: غريب. ومعناه يؤخذ من إطلاق حديث أبي سعيد الخدري، وهو قوله صلّى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، والفضة بالفض، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» أخرجه مسلم (راجع نصب الراية: ٣٧/ ٤).
(٢) البدائع: ٤٤/ ٦، تبيين الحقائق: ٤٢/ ٥، الدر المختار: ٥٠٠/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>