للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلاً، فصالح منها على منفعة بيت بأن يسكنه شهراً أو على ركوب دابة أياماً معلومة أو على زراعة أرض مدة معينة ونحوها جاز الصلح (١)، ويكون التصالح إجارة (أي في معنى الإجارة) سواء أكان الصلح عن إقرار المدعى عليه أم عن إنكاره أم سكوته؛ لأن الإجارة تمليك المنفعة بعوض، وقد وجد العوض هنا، والمعاوضة ظاهرة المعنى في الصلح عن إقرار، وأما في الصلح عن إنكار، فالمعاوضة عن الخصومة واليمين.

وكذا في الصلح عن سكوت؛ لأن الساكت منكر حكماً.

وإذا اعتبر الصلح على المنافع إجارة، فيصح بما تصح به الإجارات ويفسد بما تفسد به، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة (٢).

٢ - الشرط الثاني من شروط المصالح عليه (بدل الصلح) أن يكون متقوما ً: فلا يصح على الخمر والخنزير من المسلم؛ لأنه ليس بمال متقوم في حقه (٣)، لكن في هذه الحالة إذا تم الصلح على ما لا يصلح أن يكون عوضاً أصلاً نفذ الصلح ولم يجب شيء، لأنه يدل على أن المتصالحين ما أرادا المعاوضة، ويكون الصلح عفواً من المصالح.


(١) قال الحنفية (تحفة الفقهاء: ٤٢٦/ ٣): كل ما يصلح مهراً في النكاح (وهو أن يكون مالاً متقوماً عند الناس، المرجع السابق: ٢٠١/ ٢) وتصح تسميته، صح أن يكون بدلاً في الصلح. وكل ما لا يصلح مهراً ولا تصح تسميته ويجب فيه مهر المثل في النكاح، لا يصح أن يكون بدلاً في الصلح، والواجب حينئذ في الصلح دية النفس في القتل وأرش الجناية فيما دون النفس. وقد أجاز الحنفية (الهداية مع الفتح: ٤٥٠/ ٢) أن يكون المهر منفعة يمكن تسليمها شرعاً كسكنى الدار أو ركوب الدابة أو الحمل عليها، أو على أن تزرع أرضه، ولكن لا يصح أن تكون المنفعة خدمة الحر لزوجته، أو كانت مما لا يستحق عليها الأجر كتعليم القرآن؛ لأنه في الأولى ينقلب وضع الرجل فيصبح خادماً وفي الثانية ليس ذلك مالاً.
(٢) البدائع: ٤٧/ ٦، تكملة فتح القدير: ٣١/ ٧، الشرح الكبير: ٣١٠/ ٣، مغني المحتاج: ١٧٨/ ٢، المغني: ٤٨٣/ ٤.
(٣) البدائع: ٤٧/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٣٣/ ٧، تبيين الحقائق: ٣٦/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>