للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من دعواي التي هي مع فلان، أو تركتها، أو ما بقي لي عنده، أو استوفيت حقي من فلان بالتمام، يكون قد أبرأه».

ويرى المالكية على الراجح: أن الإبراء يحتاج إلى قبول؛ لأنه نقل للملك، كالهبة فلا بد من القبول في هبة الدين، لمن هو عليه؛ لأنه إبراء.

ويكون القبول في مجلس العقد بالاتفاق، إلا أن الشافعية (١) اشترطوا القبول لفظاً فوراً فيما لو وكله في إبراء نفسه، ولو من الحاكم. وظاهر المذهب المالكي جواز تأخير القبول عن الإيجاب، وعبارتهم: من سكت عن قبول صدقته زماناً، فله قبولها بعدئذ.

واستثنى الحنفية من عدم توقف الإبراء على القبول: الإبراء عن بدلي الصرف، وعن رأس مال السلم، فيتوقف فيهما الإبراء على القبول؛ لأن الإبراء يؤدي إلى تفويت القبض المستحق، وفواته يوجب بطلان العقد، ونقض العقد لا ينفرد به أحد العاقدين، بل لا بد من قبول الطرف الآخر، فإن قبله برئ، وإن لم يقبله لم يبرأ، وإذا تم الإبراء مع القبول انفسخ عقد الصرف والسلم، لعدم تحقق القبض المشروط لصحة كل منهما.

أما الإبراء عن المسلم فيه أو عن ثمن المبيع، فيجوز من غير قبول؛ لأن قبض المسلم فيه أو الثمن ليس بشرط، والإبراء عن دين لا يجب قبضه شرعاً إسقاط لحق المبرئ لا غير، فيملك الإبراء من نفسه فقط (٢).

[رد الإبراء]

ذهب الشافعية في الراجح والحنابلة: إلى أن الإبراء يتم بالإيجاب دون حاجة


(١) حاشية القليوبي: ٣٤٠/ ٢، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ١٥٢.
(٢) البدائع: ٢٠٣/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>