للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً ـ شروط المبرأ: يشترط باتفاق الفقهاء على المذهب لدى الحنابلة (١) في الطرف المبرأ أن يكون معلوماً معيناً، غير مجهول، ولا مبهم، فلو أبرأ أحد غريميه (مدينيه)، فقال لهما: أبرأت أحدكما، فلا يصح. وكذا لو قال: أبرأت كل مدين لي، أو كل مدين لمورثي، لا يصح كما أن الإقرار ببراءة كل مدين له، لا يصح، إلا إذا قصد مديناً معيناً أو أناساً محصورين. فإذا قال: أبرأت هؤلاء المدينين لي، صح.

وعلل الشافعية عدم صحة الإبراء مع جهالة المدين المبرأ بأن الإبراء فيه معنى التمليك، ولا يصح تمليك المجهول، والإبراء تمليك من المبرئ، إسقاط عن المبرأ عنه، فيشترط علم الأول دون الثاني.

وقد نصت المجلة (م ١٥٦٧) على هذا الشرط: يلزم أن يكون المبرأون معلومين ومعينين، بناء عليه، لو قال أحد: أبرأت كافة مديونيّ، أو ليس لي عند أحد حق، لا يصح إبراؤه. وأما لو قال: أبرأت أهالي المحلة الفلانية، وكان أهل تلك المحلة معينين، وعبارة عن أشخاص معدودين، فيصح الإبراء.

ويصح إبراء المبرأ، سواء أكان مقراً بالحق أم منكراً له، بل ولو حلف المنكر؛ لأن الإبراء عند الجمهور غير المالكية ينعقد بمجرد الإيجاب، ولا يفتقر إلى القبول، ولا حاجة فيه إلى تصديق الغريم.


(١) جامع الفصولين: ١٢٥/ ١، ط الأزهرية سنة ١٣٠٠ هـ، الخرشي: ٩٩/ ٦، ط صادر، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ١٥٢، كشاف القناع: ٣٣٧/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>