للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو علم الدين، لم يبرئه، وجهله رب الدين، لم تصح البراءة عنه؛ لأن فيه تغريراً للمبرئ، وقد أمكن التحرز عنه.

٢ ً - ألا يكون المبرأ منه عيناً من الأعيان: لأن العين لا تثبت في الذمة، والإبراء إسقاط، والذي يقبل الإسقاط: ما يشغل الذمم من الحقوق، فيكون الإبراء من الأعيان باطلاً، فلو غصب إنسان كتاباً، لم يصح الإبراء منه.

ويصح الإبراء من الديون، ولو كان الدين من الأعيان كالدية من الإبل مثلاً.

ويصح الإبراء من الحقوق، كالإبراء عن حق الدعوى، وإبراء الدائن الكفيل من الكفالة، والمحال عليه من الحوالة، إذ البراءة فيهما عن حق الكفالة أو الحوالة.

٣ ً - أن يكون المبرأ منه موجوداً عند الإبراء: فيبطل الإبراء من الحق قبل وجوده، كأن تبرئ شخصاً مما سيقرضه لك، أو مما سيجب له. وبناء عليه، لم يجز الحنفية إبراء الزوجة زوجها من نفقة مستقبلة، ولا من نفقة العدة قبل أن يطلقها؛ لأن الإبراء إسقاط، وما سيوجد ساقط فعلاً، فلا يقبل إسقاطاً.

واستدل الفقهاء لعدم صحة الإبراء من الدين قبل وجوبه، بقوله صلّى الله عليه وسلم: «لاطلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك» (١) والإبراء في معناهما.

رابعاً ـ شروط صيغة الإبراء: يشترط في صيغة الإبراء وذاته أربعة شروط هي ما يلي (٢):


(١) حديث حسن رواه أبو داود والحاكم بلفظ «لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك» ورواه ابن ماجه عن المسور بلفظ «لا طلاق قبل النكاح، ولا عتاق قبل ملك».
(٢) تكملة فتح القدير: ٤١/ ٧، ٤٤ ومابعدها، الدر المختار: ١٧٦/ ٤، تكملة ابن عابدين: ٣٣٠/ ٢، الفتاوى الهندية: ٣٧٨/ ٤، ٣٨٤، البدائع: ٤٥/ ٦، ٥٠، ١١٨، الدسوقي: ٣٠٧/ ٢، و٨٩/ ٤، ٩٩، ١٠٠، فتح العلي المالك: ٢٢٩/ ١، ٣٢٢، ٣٣٥، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ١٥٢، المجموع: ١٠٠/ ١٠، القليوبي: ٢٩٢/ ٢، ٤٥/ ٣، ٨٣، ٣١٠، ٣٦٨/ ٤، كشاف القناع: ٣٠٥/ ٣، ٣٣٧/ ٤، المغني: ٤٨٣/ ٤ ومابعدها، و٥٦٤/ ٥، مغني المحتاج: ٦٦/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>