للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين لآخر، ثم أبرأ الدائن المدين على وجه الإسقاط، فللمتبرع أن يرجع على المبرئ

بما تبرع به. هذا رأي الحنفية، ووافقهم الحنابلة فيه (١).

٤ ً - أن يقع الإبراء بعد وجوب الحق المبرأ منه أو وجود سببه: لأن الإبراء إسقاط ما في الذمة، ويكون بعد انشغالها. وقد اتفق الفقهاء على عدم صحة الإبراء قبل وجود السبب، إذ لا معنى لإسقاط ما هو ساقط فعلاً، ويكون الإبراء مجرد وعد، وهو غير ملزم.

أما بعد وجود السبب ففيه خلاف: أما الجمهور غير المالكية فاشترطوا كون الإبراء من الدين بعد وجود السبب، فلا يصح الإبراء قبله، للحديث المتقدم: «لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك» والإبراء في معناهما.

والأمثلة عند الحنفية: الإبراء عن نفقة الزوجية قبل القضاء بتقديرها، والإبراء عن ثمن ما تشتريه مني غداً، فلا يصح الإبراء في الحالتين، لأنه قبل وجود السبب.

ومثل الشافعية بإبراء المفوّضة (٢) عن مهرها قبل التقدير والدخول، والإبراء عن المتعة قبل الطلاق، لعدم الوجوب. واستثنوا صورة يصح فيها الإبراء قبل الوجوب: وهي ما لو حفر بئراً في ملك غيره بلا إذن، وأبرأه المالك من ذلك التصرف أو رضي ببقاء البئر، فإن حافرها يبرأ مما يقع فيها. ولو أبرأ المشتري البائع عن ضمان المبيع إذا تلف قبل القبض، لم يبرأ في الأظهر؛ لأنه أبرأ عما لم يجب.

أما المالكية فاختلفوا على قولين في صحة الإبراء قبل وجود السبب، وهو التصرف الذي ينشأ به الحق المبرأ منه، مثل إسقاط المرأة عن زوجها نفقة المستقبل،


(١) القواعد لابن رجب: ص ١٢٠.
(٢) المرأة المفوضة: هي التي مات عنها زوجها قبل أن يدخل بها ولم يكن لها صداق مفروض.

<<  <  ج: ص:  >  >>