للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محض، قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} [الإسراء:٣٣/ ١٧]، ولأن الاعتداء حرام أيضاً، قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً} [الأحزاب:٥٨/ ٣٣]، والتحريم سواء أكان الإكراه ناقصاً أم كاملاً.

ومثله أيضاً: ضرب الوالدين قل أو كثر، فإنه لا يباح بالإكراه؛ لأنه حرام، قال تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما} [الإسراء:٢٣/ ١٧] والنهي عن التأفيف نهي عن الضرب من باب أولى، فلو فعل شيئاً مما ذكر أثم.

وكذلك أيضاً: الزنا، فإنه لا يباح ولا يرخص للرجل بالإكراه مطلقاً، ولو فعل أثم؛ لأن حرمة الزنا ثابتة عقلاً، قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً} [الإسراء:٣٢/ ١٧]. وكذا المرأة لا يرخص لها أيضاً عند الإكراه ولو كان تاماً، كما رجح الكاساني صاحب البدائع (١).

والخلاصة: إن الكفروالقتل والزنا لا يباح بحال فيظل الإثم قائماً، وإن رخص بالنطق بالكفر، وهناك فرق بين الرخصة والإباحة، ففي الرخصة لا يباح الفعل أحياناً في حد ذاته، وإنما ترتفع المسؤولية فقط، أما في حال الإباحة فيصبح الشيء مباحاً في ذاته، فيرتفع الإثم والمسؤولية الدنيوية أيضاً.

وأما الأحكام الدنيوية في هذه الأنواع الثلاثة فهي مايأتي (٢):

النوع الأول، والكلام فيه عن:

١ً ـ الإكراه على شرب الخمر: إذا كان الإكراه تاماً فلا يجب الحد على


(١) راجع البدائع: ١٧٧/ ٧، تكملة فتح القدير: ٣٠٢/ ٧، ٣٠٦، تبيين الحقائق: ١٨٦/ ٥ ومابعدها، ١٨٩، الدر المختار: ٩٣/ ٥ ومابعدها، الكتاب مع اللباب: ١١٢/ ٤ ومابعدها.
(٢) المراجع السابقة المذكورة عند تفصيل كل نوع من أنواع التصرفات الحسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>