للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صلّى الله عليه وسلم: «لا طلاق في إغلاق» (١) وفسر الشافعي الإغلاق بالإكراه، وقال عليه السلام أيضاً: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٢) أي رفع حكم الإكراه وغيره. ثم إن هذه التصرفات لا تصح مع الإكراه حتى لا يترتب عليها زوال حقوق الناس وأملاكهم بدون رضاهم.

وبناء عليه قال الشافعية: إن طلاق المستكره وعتاقه وبيعه وإجارته ونكاحه ورجعته وغيرها من التصرفات لا تصح؛ لأن رفع حكم الإكراه إنما يكون بانعدام الحكم المتعلق به، كوقوع الطلاق، وصحة البيع والنكاح.

وأما وجوب القصاص عندهم على القاتل المستكره، فيستثنى من عموم الصيغة، تعظيماً لأمر الدم، فإنه لا سبيل إلى استباحته، وتجب رعاية حرمته (٣).

وأما حديث: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة» (٤) الذي تمسك به الحنفية فهو ضعيف على الأرجح، وأما حديث حذيفة فهو حديث مكذوب كما قال ابن حزم.

وأما ما روي عن ابن عمر أنه أجاز طلاق المكره، فيقدح فيه ما رواه ابن حجر في فتح الباري أن عبد الرزاق أخرج عن ابن عمر عدم جواز طلاق المكره في قصة


(١) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وقال: على شرط مسلم، ولفظه: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» قال أبو داود: أظنه الغضب ـ يعني الإغلاق ـ وقال ابن قتيبة: الإغلاق. وقال بعضهم: الصحيح أنه يعم الإكراه والغضب والجنون، وكل أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده (راجع نصب الراية: ٢٢٣/ ٣).
(٢) رواه الطبراني عن ثوبان، ورمز السيوطي لصحته. (راجع الفتح الكبير: ٣٥/ ٤).
(٣) تخريج الفروع على الأصول: ص ١٤٩.
(٤) رواه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي وصححه الحاكم عن أبي هريرة، وفي رواية لابن عدي من وجه آخر ضعيف: «الطلاق والعتاق والنكاح» (راجع سبل السلام: ١٧٥/ ٣، الإلمام لابن دقيق العيد: ص ٤٢٣ وما بعدها، نصب الراية: ٢٩٣/ ٣ ومابعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>