للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أكره رجل بغير حق على أن يقر بشيء، ففي هذا الإقرار للفقهاء مذهبان:

١ - مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية: يقرر إلغاء الإقرار وعدم ترتب أي أثر عليه، سواء أكان المقر به مما يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة، أم مما لا يحتمل الفسخ كالطلاق والرجعة.

استدل الحنفية بأن الإقرار خبر يحتمل الصدق والكذب، إلا أنه يصح الإقرار حالة الاختيار؛ لأن الإنسان غير متهم على نفسه، ولم يصح حالة الإكراه، لترجح جانب الكذب بسبب وجود التهديد.

واستدل غير الحنفية بحديث «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» فلفظ «ما» في الحديث يفيد العموم، فيكون حكم كل تصرف أكره عليه الإنسان مرفوعاً، والإقرار تصرف من التصرفات، فيكون حكمه مرفوعاً عند الإكراه، فلا يترتب عليه أي أثر من آثاره.

٢ - مذهب المالكية يقرر عدم لزوم إقرار المستكره بغير حق، أي أن المستكره بعد زوال الإكراه مخير بين أن يجيز الإقرار وبين ألا يجيز.

واستدلوا بأن إقرار المستكره كطلاقه بجامع عدم الرضا في كل، فكما لا يلزم طلاق المستكره لا يلزم إقرار المستكره.

وأما الإقرار مكرهاً بالزنا أو شرب الخمر أو السرقة أو القذف أو القتل، فإنه يعتبر ملغياً، ولا يقام عليه حد ولا قصاص عند أغلب الفقهاء، ومنهم المالكية؛ لأن الإكراه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات (١).


(١) البدائع: ١٨٩/ ٧ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٢٦٥/ ٧، تبيين الحقائق: ١٨٢/ ٥، الدر المختار: ٨٩/ ٥، مجمع الضمانات: ص ٢٠٦، الشرح الكبير للدردير: ٣٩٧/ ٣، المغني: ١٩٦/ ٨، حاشية الباجوري: ٤/ ٢، بحث الإكراه للبرديسي ـ القسم الثاني: ص ٤٤ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>