للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن صدرت من غير مميز فجميع تصرفاته باطلة لفقده أهلية الأداء أو التصرف، إذ لا عقل له ولا تمييز، فلا يعتبر رضاه ولا قصده، سواء أكان التصرف نافعاً له، أو ضاراً به، أو متردداً بين الضرر والنفع، فلا يصح عقده ولا إقراره ولا طلاقه كالمجنون لعدم اعتبار أقوالهما.

وإن صدرت من مميز فهي ثلاثة أنواع:

أـ التصرف النافع له نفعاً محضاً، كقبوله الهبة أو الوصية، واعتناق الإسلام، يصح منه وينفذ بدون توقف على إجازة وليه أو وصيه، رعاية لجانب نفعه.

ب ـ التصرف الضار به ضرراً محضاً، كتبرعه بشيء من ماله، أو إقراضه، أو إعارته، أو طلاق زوجته، يبطل منه، ولا ينفذ ولا تصححه إجازة الولي؛ لأن الإجازة لا تلحق الباطل، ومن قواعد الحنفية: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمعتوه» وقد رووه حديثاً، لكنه لم يصح أصلاً (١).

جـ ـ التصرف المتردد بين الضرر والنفع، كالبيع والشراء، والإيجار والاستئجار، والزواج، ينعقد منه موقوفاً على إجازة الولي، إذا كان المميز يعقل البيع بأن يعلم أن البيع سالب، والشراء جالب، ويقصده بأن يكون غير هازل؛ لأن تصرفه يحتمل الضرر فإن أجازه نفذ، وإن لم يجزه بطل، وليس له إجازة ما فيه غبن فاحش، والولي بالخيار: إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه.

٢ - وقال الشافعية والحنابلة (٢): تعتبر التصرفات المالية من الصبي مميزاً أو غير مميز باطلة. لكن الشافعية قالوا: لا تصح تصرفات المميز وإن أذن له الولي، ويعتبر إذن الصبي المميز في إذن الدخول وإيصاله الهدية، ويصح إحرامه بإذن وليه، وتصح عبادته، وله إزالة المنكر ويثاب عليه كالبالغ، كما يعتبر إسلامه، كإسلام سيدنا علي رضي الله عنه صغيراً.


(١) راجع نصب الراية: ١٦١/ ٤.
(٢) مغني المحتاج: ١٦٦/ ٢، ١٧٠، كشاف القناع: ٤٣١/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>