للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفلس: عدم المال، والمفلس في العرف: من لا مال له. وهو المعدم، وفي الشرع: من لا يفي ماله بدينه، أو الذي أحاط الدين بماله، أو من لزمه من الدين أكثر من ماله الموجود. وسمي مفلساً، وإن كان ذا مال؛ لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه، فكأنه معدوم، أو باعتبار ما يؤول من عدم ماله بعد وفاء دينه، أو لأنه يمنع من التصرف في ماله إلا الشيء التافه الذي لا

يعيش إلا به، كالفلوس ونحوها (١).

ثانياً ـ هل يحجر على المدين المفلس؟ قال أبو حنيفة (٢): لا أحجر على المفلس في الدَّين؛ لأن مال الله غاد ورائح، فهو لا يرى الحجر على المدين المفلس، كما لا يرى الحجر على السفيه؛ لأن في الحجر إهداراً لحريته وإنسانيته وأهليته، فذلك أخطر من ضرر خاص يلحق الدائن. فتنفذ تصرفاته، ولا يباع ماله جبراً عنه، وإنما يؤمر بسداد ديونه؛ فإن امتثل فلا يتعرض له بشيء، وإن امتنع عن الأداء، حبس حتى يسدد دينه، أو يبيع ماله بنفسه، وشرع حبسه دفعاً لظلمه؛ لأن قضاء الدين واجب عليه، والمماطلة ظلم. وليس للقاضي أن يبيع ماله جبراً عنه؛ لأنه نوع حجر عليه، وهو لا يجوز عنده. والخلاصة: أن أبا حنيفة قال: ليس للحاكم أن يحجر على المفلس، ولا يبيع ماله بل يحبسه، حتى يؤدي أو يموت في السجن.

والمفتى به عند الحنفية هو قول الصاحبين، وهو قول جمهور الفقهاء: وهو جواز الحجر على المدين المفلس في تصرفاته المالية، حفاظاً على حقوق الدائنين


(١) بداية المجتهد: ٢٨٠/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣١٨، الشرح الكبير: ٢٦١/ ٣، مغني المحتاج: ١٤٦/ ٢، المغني: ٤٠٨/ ٤، كشاف القناع: ٤٠٥/ ٣.
(٢) الهداية مع تكملة الفتح: ٣٢٤/ ٧ ومابعدها، تبيين الحقائق: ١٩٩/ ٥، الكتاب مع اللباب: ٧٢/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>