للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لا يقر الإسلام مبدأ التقادم المسقط على أنه مسقط للحق بترك المطالبة به مدة طويلة. فاكتساب الحقوق وسقوطها بالتقادم حكم ينافي العدالة والخلق، ويكفي في ذلك أن يصير الغاصب أو السارق مالكاً. إلا أن الإمام مالك في المدونة خلافاً لمعظم أصحابه يرى إسقاط الملكية بالحيازة، كما يرى تملك الشيء بالحيازة. ولكنه لم يحدد مدة للحيازة، وترك تحديدها للحاكم، ويمكن تحديدها عملاً بحديث مرسل رواه سعيد بن المسيب مرفوعاً إلى النبي صلّى الله عليه وسلم عن زيد بن أسلم: «من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه» (١)

.وأما الالتصاق بسبب سيل أو فيضان أو كثبان رمل بسبب ريح شديدة، فلا مانع منه شرعاً؛ لأنه زيادة سماوية، تدخل تحت مبدأ «التولد من المملوك».

[١ - الاستيلاء على المباح]

المباح: هو المال الذي لم يدخل في ملك شخص معين، ولم يوجد مانع شرعي من تملكه كالماء في منبعه، والكلأ والحطب والشجر في البراري، وصيد البر والبحر. ويتميز الاستيلاء على المباح بما يأتي:

أـ إنه سبب منشئ للملكية على شيء لم يكن مملوكاً لأحد. أما بقية أسباب الملكية الأخرى (العقد، الميراث ونحوهما)، فإن الملكية الحادثة مسبوقة بملكية أخرى، فهي سبب ناقل.

ب ـ إنه سبب فعلي لا قولي: يتحقق بالفعل أو وضع اليد، فيصح من كل


(١) انظر بحث الحيازة والتقادم في الفقه الإسلامي للدكتور محمد عبد الجواد: ص ١٨، ٥٠ ومابعدها، ٦٠، ١٠٨، ١٥٠ ومابعدها، ومراجعه مثل المدونة: ٢٣/ ١٣، وتبصرة الحكام على هامش فتح العلي المالك: ٣٦٢/ ٢ وما بعدها. وانظر: ٣١٤/ ٢ ط دار الفكر بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>