للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبعاً للأرض، وذلك على تفصيل سيأتي في بحث المعادن والإقطاع، فعند الشافعية يملك المحيي المعادن الباطنية، وعند الحنابلة يملك المحيي المعادن الجامدة.

وأما حق الدولة في المعادن ففيه رأيان أيضاً:

قال الحنفية: في المعادن الخمس؛ لأن الركاز عندهم يشمل المعادن والكنوز بمقتضى اللغة، والباقي للواجد نفسه. وذلك في المعادن الصلبة القابلة للطرق والسحب كالذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص. أما المعادن الصلبة التي لا تقبل الطرق والسحب كالماس والياقوت والفحم الحجري، والمعادن السائلة كالزئبق والنفط فلا يجب فيها شيء للدولة؛ لأن الأولى تشبه الحجر والتراب، والثانية تشبه الماء، ولا يجب فيها شيء للدولة، إلا الزئبق فيجب فيه الخمس.

وقال الشافعية: لا يجب في المعادن شيء للدولة، لا الخمس وغيره، وإنما يجب فيها الزكاة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «العجماء جُبَار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» (١) فأوجب الخمس في الركاز: وهو دفين أهل الجاهلية، ولم يوجب في المعدن شيئاً؛ لأن «الجبار» معناه: لا شيء فيه. وإيجاب الزكاة عندهم هو بعموم أدلة الزكاة، والمعدن: مركز كل شيء، والمعادن: المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغيرها. ويطلق المعدن أيضاً على الفِلّز في لغة العلم.


(١) رواه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة (نصب الراية: ٣٨٠/ ٢، شرح مسلم: ٢٢٦/ ١١). وقوله: «والمعدن جبار» معناه أن الرجل يحفر معدناً في ملكه أو في موات، فيمر بها مار، فيسقط فيها فيموت، أو يستأجر أجراء يعملون فيها، فيقع عليهم، فيموتون، فلا ضمان في ذلك. وكذا البئر جبار معناه أنه يحفرها في ملكه أو في مواته فيقع فيها إنسان أو غيره ويتلف، فلا ضمان. وكذا لو استأجره لحفرها، فوقعت عليه، فمات، فلا ضمان. وأما إذا حفر البئر في طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه، فتلف فيها إنسان، فيجب ضمانه، وكذا إن تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>