للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول عليه الصلاة والسلام قد عمل بآية الأنفال، وعمر قد عمل بآية الفيء، وليس فعل النبي صلّى الله عليه وسلم براد لفعل عمر؛ لأن فعل الرسول إما على سبيل الإباحة لجهالة صفة الفعل منه، وإما على سبيل الوجوب فهو واجب مخير، بدليل الآية التي استنبط منها عمر خصلة الواجب الأخرى (١)، قال عمر: فاستوعبت هذه الآية (آية الحشر) الناس إلى يوم القيامة (٢)، وقال أيضاً: «والله ما من أحد من المسلمين إلا وله حق في هذا المال أعطي منه أو منع، حتى راعٍ بعدن» (٣).

وبناء عليه شملت آية الحشر جميع المؤمنين، وشَّركت آخرهم بأولهم في الاستحقاق. ولا سبيل إليه إلا بعدم قسمة الأرض، وهو معنى وقفها عند المالكية. وليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيع هذه الأرض، كما هو عمل الأمة، وقد أجمع العلماء على أنها تورث، والوقف لا يورث، إلى آخر ما هنالك من فروق (٤).

٢ - ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلم قرى لم يقسمها، وقد ظهر على مكة عنوة (٥)، وفيها أموال، فلم يقسمها، وظهر على قريظة والنضير، وعلى غير دار من دور العرب، فلم يقسم شيئاً من الأرض غير خيبر. فكان الإمام بالخيار: إن قسم كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحسن، وإن ترك كما ترك رسول الله غير خيبر فحسن (٦).


(١) مخطوط الدرة اليتيمة في الغنيمة للشيخ الفزاري: ق ١٠٢.
(٢) رواه أبو داود (سنن أبي داود: ١٩٥/ ٣، القسطلاني: ٢٠١/ ٥).
(٣) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي (سنن البيهقي: ٣٥١/ ٦).
(٤) المنتقى على الموطأ: ٢٢٣/ ٣ ومابعدها، زاد المعاد: ٦٩/ ٢.
(٥) كما خرَّج مسلم في صحيحه، وهو الأصح عند العلماء (بداية المجتهد: ٣٨٨/ ١).
(٦) القسطلاني شرح البخاري: ٢٠٢/ ٥، زاد المعاد: ٦٩/ ٢، الخراج لابي يوسف: ص ٦٨، القياس لابن تيمية: ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>