للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالكية الحمى الشرعي بقولهم: أن يحمي الإمام مكاناً خاصاً لحاجة غيره (١).

ثانياً ـ مشروعيته: لا يجوز لأحد أن يحمي مواتاً ليمنع إحياء الموات، ورعي ما فيه من الكلأ، لما روى الصعب بن جَثَّامة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله» (٢).

ويجوز باتفاق المذاهب في الصحيح عند الشافعية للإمام أن يحمي لخيل المجاهدين ونَعَم (٣) الجزية، وإبل الصدقة، والماشية الضعيفة، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم حمى النقيع (٤) للخيل ـ خيل المسلمين (٥). ويؤيده ما روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، قال: أتى أعرابي من أهل نجد عمر رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين، بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية، وأسلمنا عليها في الإسلام، فعلام تحميها؟ فأطرق عمر رضي الله عنه، وجعل ينفخ، ويفتِل شاربه، وكان إذا كرِه أمراً، فتل شاربه ونفخ، فلما رأى الأعرابي مابه، جعل يردد ذلك، فقال عمر: «المال مال الله، والعباد عباد الله، فلولا ما أحمل عليه في سبيل الله (أي لخيل الجهاد) ماحميت من الأرض شبراً في شبر» (٦).


(١) نيل الأوطار: ٣٠٨/ ٥، المغني: ٥٢٨/ ٥ ومابعدها، الدردير في الشرح الكبير: ٦٨/ ٤ ومابعدها، وفي الصغير: ٩٢/ ٤، المهذب: ٤٢٧/ ١، كشاف القناع: ٢٢٣/ ٤ ومابعدها.
(٢) رواه أحمد والبخاري وأبو داود (نيل الأوطار: ٣٠٨/ ٥).
(٣) النَّعَم: الإبل والبقر والغنم.
(٤) النقيع: موضع معروف، على بعد عشرين فرسخاً من المدينة، وقدره ميل في ثمانية أميال. وأصل النقيع: كل موضع ينتقع فيه الماء، فيكثر فيه الخصب، بسبب وجود الماء. والفرسخ ٥٥٤٤ م، والميل ١٨٤٨ م.
(٥) رواه أحمد عن ابن عمر (نيل الأوطار: ٣٠٨/ ٥) ورواه البخاري وأبو داود عن الصعب بن جثامة (جامع الأصول: ٣٣١/ ٣).
(٦) رواه أبو عبيد بإسناده عن عامر بن عبد الله بن الزبير. ورواه البخاري والموطأ عن أسلم مولى عمر (جامع الأصول: ٣٢٨/ ٣ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>