للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث: في الماء والكلأ والنار» ولأنها ليست من أجزاء الأرض، فلم يملكها من أحيا الأرض بملك الأرض، كالكنز؛ ولأنه صلّى الله عليه وسلم أقطع رجلاً ملح

مأرب، فقال رجل: يا رسول الله، إنه كالماء العدّ (أي الذي لا ينقطع) قال: فلا، إذن (١).

والمعادن الباطنة: لا يملكها بمجرد الحفر والعمل من كشفها وأحياها في الأظهر عند الشافعية، وظاهر المذهب عند الحنابلة، كالمعدن الظاهر؛ لأن إحياء الأرض الذي يملك به هو العمارة التي يتهيأ بها المحيا للانتفاع من غير تكرار عمل. وهذا أي حفر المعدن: حفر وتخريب يحتاج إلى تكرار عند كل انتفاع، فمجرد الاكتشاف لا يكون سبباً لملك المعادن.

٣) - ومن أحيا أرضاً مواتاً، فملكها بذلك، فظهر فيها معدن باطن كالذهب أو الفضة، ملكه عند الشافعية؛ لأنه بالإحياء ملك الأرض بجميع أجزائها، ومن أجزائها المعدن، بخلاف الركاز أو الكنز، فإنه مودع فيها للنقل عنها. أما المعدن الظاهر، فلا يملك كما عرفنا بالإحياء عند الشافعية؛ لأنه حق للجميع (٢).

وقال الحنابلة (٣): من أحيا أرضاً مواتاً، فملكها، فيملك المعادن الجامدة؛ لأنه ملك الأرض بجميع أجزائها وطبقاتها، وهذا المعدن منها، فدخل في ملكه على سبيل التبعية. وأما المعادن الجارية كالنفط والقار والماء، فأظهر الروايتين عندهم أن محيي الأرض لا يملكها؛ لأن الناس شركاء فيها، لحديث «الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار» (٤).


(١) رواه الترمذي وأبو داود وباقي أصحاب السنن الأربعة، وصححه ابن حبان عن أبيض بن حمال (نيل الأوطار: ٣١٠/ ٥).
(٢) مغني المحتاج:٣٧٢/ ٢ - ٣٧٣.
(٣) المغني: ٥٢٢/ ٥.
(٤) والرواية الثانية: يملكها لأنها خارجة من أرضه المملوكة له، فأشبهت الزرع والمعادن الجامدة. وقد مشى القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية (ص ٢٢٠) على هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>