للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر رضي الله عنه لمحمد بن مَسْلَمة حينما شكاه الضحاك بن خليفة الذي أراد إمرار ماء من أرض ابن مَسْلمة: «والله، ليمرَّن به، ولو على بطنك» (١).

٣ً ـ حق الشرب يورث، وتصح الوصية بالانتفاع به، حتى عند الحنفية، الذين يرون عدم توارث الحقوق والمنافع إلا ما استثني، ويجوز بيعه تبعاً للأرض، لامستقلاً منفرداً عنها عند الحنفية، كما أوضحت سابقاً؛ لأنه مجهول الكمية، وبيع المجهول لا يصح لما فيه من الضرر أو الظلم، ولأن الحقوق عند الحنفية ليست بمال متقوم في ظاهر الرواية، فلا تقبل الإفراد بالبيع أو الهبة أو الإجارة أو التصدق بها (٢).

والأولى الأخذ برأي غير الحنفية القائلين بجواز التصرف في الحقوق والمنافع؛ لأنها أموال متقومة، في عرف الناس.

٤ً ـ إذا كان الماء مملوكاً لشخص واحد، كان له حق الانتفاع به كيفما شاء، فإن كان الماء لجماعة مشتركة أو أناس كثيرين، وزع بينهم بالعدل، إما بالمناوبة الزمانية (المهايأة): بأن يستقل واحد بالماء في زمن معين. وإما بالكوى، أي بفتحات جانبية للماء إلى المزارع والجداول، بما يتناسب ومساحة أرض كل منتفع بهذا الماء. وهذا رأي الشافعية أيضاً (٣). ومقتضى العدل في التوزيع: أنه إذا كان نهر بين قوم، واختصموا في الشرب، كان الشرب بينهم على قدر مساحة أراضيهم، كما بينت؛ لأن المقصود هو الانتفاع بسقي الأراضي، فيقدر حقهم بقدرها، بخلاف الطريق؛


(١) تنوير الحوالك شرح الموطأ: ٢١٨/ ٢ وما بعدها.
(٢) الدر المختار: ٣١٦/ ٥ وما بعدها، تبيين الحقائق: ٤٣/ ٦، تكملة الفتح: ١٥٠/ ٨، البدائع: ١٨٩/ ٦.
(٣) المهذب: ٤٢٨/ ١، مغني المحتاج: ٣٧٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>