للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن إذا ساقى المورث من يرثه ثم مات المورث، فإن المساقاة تنفسخ؛ لأنه أي الوارث لا يكون عاملاً لنفسه.

وإذا التزم العامل المساقاة في ذمته، ثم مات قبل تمام العمل، وخلّف تركة، أتم الوارث العمل منها، لأنه حق وجب على مورثه، فيؤدَّى من تركته كغيره من الحقوق. وللوارث أن يتم العمل بنفسه أو بماله، وعلى المالك تمكينه من العمل إن كان الوارث عارفاً بعمل المساقاة أميناً، وإلا استأجر الحاكم من التركة عاملاً كفئاً. فإن لم يخلف العامل تركة، لم يقترض عليه؛ لأن ذمته خربت بالموت.

وبه يتبين أن المساقاة في الذمة لا تنتهي عند الشافعية بموت أحد العاقدين، فإذا مات المالك أو العامل، استمر العامل بعمله. ولا تنتهي المساقاة بخيانة العامل ولا بهربه أو حبسه أو مرضه قبل تمام العمل، لكن في حال الخيانة يضم إليه مشرف آخر يراقبه، وفي حال الحبس ونحوه يستأجر عليه الحاكم من يتم العمل على حسابه. وإذا اختلف المالك والعامل في مقدار الثمرة المشروطة لكل منهما، حلف كل منهما يميناً على إثبا ت دعواه ونفي دعوى خصمه، لأن كلاً منهما منكر لدعوى الآخر، فإذا تحالفا انفسخ عقد المساقاة، وكان الثمر كله للمالك، وللعامل أجرة مثله.

وقال الحنابلة (١): المساقاة كالمزارعة عقد جائز غير لازم، فيجوز لكل طرف فيها فسخها. فإن فسخت المساقاة بعد ظهور الثمرة، كانت الثمرة بينهما (أي بين المالك والعامل) على حسب الشرط المتفق عليه في العقد. لأنها (أي الثمرة) حدثت على ملكهما.


(١) المغني: ٣٧٢/ ٥ - ٣٧٧، كشاف القناع: ٥٢٨/ ٣ - ٥٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>