للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسمة وإنما تقسم قسمة تفريق، ولا يضم بعض الأنصبة إلى بعض، إلا إذا تراضوا. وهذا هو الصحيح عند الحنفية.

وقال الصاحبان: الرأي في هذه القسمة (وهي قسمة التقاضي) إلى القاضي، يفعل ما يراه الأصلح، فإن وجد الأصلح للشركاء في قسمة جمع، بأن يجمع حصة كل شريك في دار، فعل، وإن وجد الأصلح في قسمة التفريق بأن يقسم كل دار على حدة، فعل؛ لأن الدور ـ في رأيهما ـ من جنس واحد من حيث الاسم والصورة، وأصل السكن، فيفوض الأمر إلى القاضي لاختيار الأصلح من القسمة: إما قسمة الجمع أو قسمة التفريق.

وهذا الخلاف بين الإمام وصاحبيه جارٍ في قسمة الدار الواحدة. فعند الإمام: لا تقسم قسمة جمع إلا بالتراضي. وعند الصاحبين: يفوض الأمر إلى القاضي، ليحقق المصلحة والعدل في اختيار نوع القسمة.

وأما البيوت (الغرف) فتقسم باتفاق الحنفية قسمة جمع، سواء أكانت متباينة أم متلاصقة، لتقاربها في معنى السكنى (١).

والشافعية يرون أن الدار المختلفة الأبنية تقسم قسمة تعديل بالقيمة، لاختلاف الأغراض باختلاف المحالّ والأبنية (٢).


(١) يتلخص مذهب الحنفية فيما يلي: قال في الدرر: ههنا أمور ثلاثة: الدور، والبيوت، والمنازل، فالدور متلازمة كانت أو متفرقة: لا تقسم قسمة واحدة إلا بالتراضي. والبيوت تقسم مطلقاً لتقاربها في معنى السكنى، والمنازل: إن كانت مجتمعة في دار واحدة، متلاصقاً بعضها ببعض، قسمت قسمة واحدة، أي قسمة جمع، وإلا فلا، لأن المنزل أصغر من الدار، وأ كبر من البيت، ففيه بيتان أو ثلاثة، والبيت مسقف واحد له دهليز، فألحقت المنازل بالبيوت إذا كانت متلاصقة، وبالدور إذا كانت متباينة. وقال الصاحبان في كل ما ذكر: ينظر القاضي إلى أعدل الوجوه، ويمضي على ذلك. هذا رأي متقدمي الحنفية. وقال متأخرو الحنفية: لعل هذا في زمانهم، وإلا فالمنازل والبيوت، ولو من دار واحدة تتفاوت تفاوتاً فاحشاً في زماننا (رد المحتار: ١٨٤/ ٥، اللباب: ٩٩/ ٤).
(٢) بجيرمي الخطيب: ٣٤٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>