للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذنه، ولا يشترط إزالة يد المالك. وليس المقصود من الاستيلاء أو أخذ مال الغير: هو الأخذ أو الاستيلاء الحسي بالفعل، وإنما يكفي الحيلولة بين المال وصاحبه، ولو أبقاه بموضعه الذي وضعه فيه.

ويظهر أثر الاختلاف بين الرأيين في غصب العقار وفي زوائد المغصوب وفي منافعه. كما يظهر أثر الاختلاف بين الحنفية وغيرهم باشتراط تقوم المال في غصب المال غير المتقوم.

١ً ـ غصب العقار: لا يتصور الغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا في غصب المنقول فقط (١)؛ لأن إزالة يد المالك بالنقل والتحويل التي يتحقق بها معنى الغصب عندهما، لا تتحقق إلا في المنقولات. وأما العقار كالأرض والدار، فلايتصور وجود الغصب فيه، لعدم إمكان نقله وتحويله، فمن غصب عقاراً فهلك في يده بآفة سماوية كغلبة سيل، لم يضمنه عندهما، لعدم تحقق الغصب بإزالة اليد؛ لأن العقار في محله لم ينقل، فصار كما لو حال بين المالك وبين متاعه، فتلف المتاع. أما لو كان الهلاك بفعل الغاصب كأن هدمه، فيضمنه؛ لأن الغصب إذا لم يتحقق في العقار، فيعتبر الإتلاف.

وقال محمد وزفر من الحنفية وأئمة المذاهب الثلاثة (٢): يتصور غصب العقار من الأراضي والدور، ويجب ضمانها على غاصبها؛ لأنه يكفي ـ عند غير الحنفية ـ لتوافر معنى الغصب: إثبات يد الغاصب على الشيء بالسكنى ووضع الأمتعة وغيرها، ويترتب عليه ضمناً بالضرورة إزالة يد المالك، لاستحالة اجتماع اليدين


(١) البدائع: ٤٥/ ٧ وما بعدها، اللباب شرح الكتاب: ١٨٩/ ٢، تكملة الفتح وتبيين الحقائق، المكان السابق.
(٢) الشرح الكبير: ٤٤٣/ ٣، بداية المجتهد: ٣١١/ ٢، مغني المحتاج: ٢٧٥/ ٢ وما بعدها، المغني: ٢٢٣/ ٥، كشاف القناع: ٨٣/ ٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>