للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على محل واحد في حالة واحدة، ويتحقق أيضاً عند محمد وزفر مبدؤهما: وهو إزالة يد المالك وإثبات يد الغاصب، وتحقق هذين الوصفين هو معنى الغصب، فصار العقار كالمنقول في تحقيق الوصفين المطلوبين لتصور الغصب.

ولأن ما يضمن في الإتلاف يجب أن يضمن في الغصب، فالعقار والمنقول مضمونان على السواء؛ وما يضمن في البيع يضمن أيضاً في الغصب؛ ولأن الغاية المطلوبة من الغصب وهي الانتفاع على وجه التعدي توجد في العقار، كما توجد في المنقول.

ويؤكدما سبق كله قوله صلّى الله عليه وسلم: «من ظلم شبراً من الأرض طوقه الله من سبع أرضين» (١) وفي لفظ «من غصب شبراً من الأرض» فإنه يدل على تحقق الغصب في العقار؛ لأنه سماه غصباً.

وهذا الرأي هو الأرجح.

٢ً ـ زوائد المغصوب أو النماء السماوي: لا تضمن زوائد المغصوب إذا هلكت بلا تعدّ، وإنما هي أمانة في يد الغاصب في رأي أبي حنيفة وأبي يوسف (٢)، سواء أكانت منفصلة كالولد واللبن والثمرة، أم متصلة كالسمن والجمال؛ لأن الغصب عندهما هو إثبات يد الغاصب على مال الغير على وجه يزيل يد المالك كما تقدم، ويد المالك لم تكن ثابتة على هذه الزيادة حتى يزيلها الغاصب، أي أن عنصر (إزالة يد المالك) لم يتحقق هنا، كما لم يتحقق في غصب العقار.

فإن تعدّى الغاصب على الزيادة، لأن أتلفها أو أكلها أو باعها، أو طلبها مالكها فمنعها عنه، ضمنها؛ لأنه بالتعدي أو المنع صار غاصباً.


(١) متفق عليه بين أحمد والشيخين من رواية عائشة رضي الله عنها.
(٢) البدائع: ١٤٣/ ٧، ١٦٠، الدر المختار: ١٤٣/ ٥، تكملة الفتح: ٣٨٨/ ٧، اللباب شرح الكتاب: ١٩٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>