للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضمان عند جمهور الفقهاء ومنهم الصاحبان بإتلاف الأصنام وآلات اللهو والفساد كالمزمار والرباب والعود ونحوها من أدوات الموسيقا، لعدم تقوّمها؛ لأن منفعتها محرمة لا تقابل بشيء باعتبارها أدوات لهو، فلا قيمة لها، كما تبين في غصب غير المتقوم.

وقال أبو حنيفة والشافعي: تضمن باعتبارها خشباً منحوتاً فقط؛ لأن هذه الآلات كما تصلح للهو والفساد، تصلح للانتفاع بها من وجه آخر، فكانت مالاً متقوماً من تلك الناحية فقط.

ولا ضمان أيضاً بإتلاف الأموال المباحة التي ليست مملوكة لأحد لعدم تقوّمها؛ لأن التقوم ينبني على كون الشيء عزيز المنال، خطير الأهمية، وهذا المعنى لا يتحقق إلا بالإحراز والاستيلاء.

ولا ضمان كذلك بتحريق كتب الفسق والضلال، لاشتمالها على الكذب ولإلحاقها ضرراً بعقيدة الناس ووحدتهم، فيجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بالإتلاف من إتلاف آلات اللهو والمعازف وإتلاف آنية الخمر الذي أمر به الرسول صلّى الله عليه وسلم (١)، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها كما لا ضمان في كسرأواني الخمر وشق زقاقها (أي ظروفها وأوعيتها)، وقد حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة للمصحف الموحد الخط: وهو مصحف عثمان، لما خافوا على الأمة من الاختلاف في التلاوة لاختلاف اللهجات وطرائق النطق (٢).

٣ - أن يكون التلف (أو الضرر) محققاً بنحو دائم: فإذا أعيد الشيء إلى الحالة التي كان عليها فلا ضمان، كأن عولج المرض أو نبتت سن الحيوان في المدة


(١) انظر نيل الأوطار: ٣٢٩/ ٥ وما بعدها.
(٢) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن قيم: ص ٢٧١ ومابعدها، ٢٧٥،ط أنصار السنة المحمدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>