للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطار في رأي غير أبي حنيفة وأبي يوسف، أو يحمل حملاً في الطريق، فيقع على شيء فيتلفه، أو يعثر أحد بالحمل، فيضمن في كل تلك الحالات لأنه أثر فعله الذي هو تعدي.

٢ - التعمد: وهو أن يصدر الفعل عن قصد وإرادة، كأن يتلف شِرْب (١) إنسان بأن يسقي أرضه بشرب غيره، أو يسد الماء عن أرض جاره، فتيبس مزروعاته، أو يجذب ثوب إنسان فيسقط منه ما يحمله فيه، فيتلف، فيضمن. أما إذا لم يكن هناك تعمد، كما لو جفلت دابة من رجل، فهربت وضاعت، فلا يضمن، لأنه غير متعمد أو غير متعد في الأدق. والحقيقة أن المراد بالتعمد هو التعدي، سواء أكان هناك قصد أم لا، فلو صاح مجنون بدابة شخص، فجفلت ووقع الراكب أو الحمل، فتلف، كان ضامناً المال. وإن لم يكن عنده قصد الإضرار، لكنه متعد. وتكون القاعدة؛ «المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي» و «المباشر ضامن وإن لم يتعد».

٣ - أن يؤدي السبب إلى النتيجة قطعاً، دون تدخل سبب آخر بحسب العادة: وبعبارة أخرى: ألا يتخلل بين السبب والمسبب فعل شخص آخر، أو ألا يكون التلف قد نشأ عن فعل آخر مختار مباشر، فإن تدخل عنصر آخر مختار، نسب الفعل إليه مباشرة.

أي إن اشترك المباشر والمتسبب، ضمن المباشر إن كان السبب لا يؤثر في التلف بانفراده عادة، كمن حفر بئراً في مكان عدواناً، فجاء غير الحافر، وأردى فيه


(١) الشرب: النصيب من الماء لإرواء الأراضي. وحق الشفة: هو حق شرب الإنسان والدواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>