للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ادعاه رجلان أنه ابنهما، ولا بينة لهما، فإن كان أحدهما مسلماً، والآخر ذمياً، فالمسلم أولى بثبوت نسبه منه؛ لأنه أنفع للقيط.

وإن كان المدعيان مسلمين حرين: فإن وصف أحدهما علامة في جسد الولد، فهو أحق به عند الحنفية؛ لأن ذكر العلامة يدل على أنه كان في يده، فالظاهر أنه له، فيترجح بها، بدليل قوله تعالى مخبراً عن أهل امرأة عزيز مصر: {إن كان قميصه قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قدّ من دُبُر، فكذبت وهو من الصادقين} [يوسف:٢٦/ ١٢ - ٢٧].

وإن لم يصف أحدهما علامة، أو أقام كل منهما البينة، يحكم بكونه ابناً لهما، إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، وقد روي عن سيدنا عمر في مثل هذا أنه قال: إنه ابنهما يرثهما ويرثاه.

وإن ذكر أحدهما بينة، والآخر علامة، فصاحب البينة أولى؛ لأنه ترجح جانبه بمرجح.

وقال الشافعية: إن ادعى اللقيط اثنان ولم يكن لأحدهما بينة، عرض اللقيط على القائف (١) فيلحق من ألحق به؛ لأن في إلحاقه أثراً في الانتساب عند الاشتباه (٢).

وإن ادعت امرأة أن اللقيط ابنها: فإن لم يكن لها زوج، لا يصح ادعاؤها؛ لأن فيه حمل نسب شخص على الغير وهو الزوج، وهو لا يجوز. وإن كان لها


(١) القائف جمعه قافة: وهم قوم يعرفون الأنساب بالشبه، والقائف: من عرفت منه معرفة الأنساب بالشبه، وتكررت منه الإصابة. والأصل في القائف: هو الذي يتبع الآثار والأشباه ويقفوها، أي يتبعها، فهو المتبع للشيء.
(٢) مغني المحتاج: ٤٢٨/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>