للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكامها: للقطة أحكام من حيث الندب ومن حيث الضمان وغيرهما:

١ - أما حكمها من حيث الندب وغيره: فهو مختلف فيه عند الفقهاء، فقال الحنفية والشافعية: الأفضل الالتقاط؛ لأن من واجب المسلم أن يحفظ مال أخيه المسلم، لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة:٢/ ٥] وقوله صلّى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (١) فيكون الالتقاط سبيلاً لحفظ المال، ثم رده على صاحبه، لأنه ربما وقع في يد إنسان غير مؤتمن، فيأخذه، أما الأمين فيساعد في رد المال لصاحبه، وكف الأيدي الآثمة عنه. فإن لم يثق بأمانة نفسه وخشي استباحته، كره له الالتقاط، وإن علم من نفسه الخيانة، دون الرد على صاحبه، حرم الالتقاط، لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد عن جرير بن عبد الله: «لا يأوي الضالة إلا ضال، مالم يعرّفها».

وقال المالكية والحنبلية بكراهية الالتقاط، لقول ابن عمر وابن عباس، ولأنه تعريض لنفسه لأكل الحرام، ولما يخاف أيضاً من التقصير فيما يجب لها من تعريفها وردها لصاحبها وترك التعدي عليها (٢).

هذا هو الحكم العام، ثم فصل علماء كل مذهب تفصيلات مذهبية، المهم منها الإشارة إلى مذهب الحنفية، ومثلهم الشافعية، فإنهم قالوا: يستحب الالتقاط لواثق بأمانة نفسه إذا خاف ضياع اللقطة لئلا يأخذها فاسق، فإن لم يخف ضياعها فالتقاطها مباح، وإن علم من نفسه الخيانة بأن يأخذ اللقطة لنفسه، لا لصاحبها


(١) رواه مسلم عن أبي هريرة (شرح مسلم: ٢١/ ١٧).
(٢) راجع البدائع: ٢٠٠/ ٦، فتح القدير: ٤٢٣/ ٤، الدر المختار: ٤٠٦/ ٣، بداية المجتهد: ٢٩٩/ ٢ وما بعدها، مغني المحتاج: ٤٠٦/ ٢، المغني: ٦٣٠/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>