للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قال الحنفية: إن أنفق الملتقط على اللقطة بغير إذن الحاكم فهو متبرع، لأنه لا ولاية له على ذمة المالك في أن يشغلها بالدين بدون أمره، وإن أنفق عليها بإذن الحاكم، كان ما ينفقه ديناً على المالك؛ لأن للقاضي ولاية في مال الغائب رعاية لمصالحه، فإذا رفع الأمر إلى القاضي ينظر في الأمر: فإن كان للبهيمة منفعة، وهناك من يستأجرها أجَرَها وأنفق عليها من أجرتها؛ لأن في إجارتها رعاية لمصلحة المالك، وإن كانت البهيمة لا منفعة لها بطريق الإجارة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها، أمر القاضي الملتقط ببيعها وحفظ ثمنها.

وإن رأى الأصلح ألا يبيعها، بل ينفق عليها، أذن له في النفقة وجعل النفقة ديناً على مالكها، فإذا حضر المالك فللملتقط أن يحبس اللقطة عنده حتى يحضر النفقة، وإن أبى أن يؤدي النفقة باعها القاضي، ودفع للملتقط قدر النفقات التي أنفقها (١).

٥ - شرط رد اللقطة إلى صاحبها: يشترط لرد اللقطة إلى صاحبها أن يذكر علامة يميزها عن غيرها، أو يثبت أنها له بالبينة، أي بشهادة شاهدين، فإذا أثبت كونها له أو ذكر علامة تميزها، كأن يصف عفاصها (وعاءها) ووكاءها (ما تربط به من الخيول وغيرها) ووزنها وعددها، فيحل حينئذ للملتقط أن يدفعها إليه، وإن شاء أخذ منه كفيلاً؛ لأن ردها إليه بالعلامة مما قد ورد به الشرع. وهذا باتفاق العلماء، لكن هل يجبر الملتقط قضاء على رد اللقطة بمجرد وصف العلامة المميزة لها، أو لابد من البينة؟ خلاف بين العلماء (٢).


(١) بداية المجتهد: ٣٠٤/ ٢، مغني المحتاج: ٤١٠/ ٢، البدائع: ٢٠٣/ ٦، فتح القدير: ٤٢٨/ ٤ وما بعدها، تبيين الحقائق: ٣٠٥/ ٣، المهذب: ٤٣٢/ ١، المبسوط: ٩/ ١١، المغني: ٦٣٣/ ٥ وما بعدها.
(٢) فتح القدير: ٤٣١/ ٤، المبسوط: ٨/ ١١، البدائع: ٢٠٢/ ٦، تبيين الحقائق: ٣٠٦/ ٣، الدر المختار: ٣٥٣/ ٣، بداية المجتهد: ٣٠٢/ ٢، مغني المحتاج: ٤١٦/ ٢، المهذب: ٤٣١/ ١، المغني: ٦٤٤/ ٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>