للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدليل الخطاب في حديث جابر السابق: «الشفعة فيما لم يقسم ... » فكأنه قال: الشفعة فيما تمكن فيه القسمة، ما دام لم يقسم. وقد أجمع عليه في هذا الموضوع فقهاء الأمصار، مع اختلافهم في صحة الاستدلال به؛ ولأن علة مشروعية الشفعة عندهم هو دفع ضرر القسمة، ومالا ينقسم لا تتيسر القسمة فيه، فلا حاجة للشفعة فيه، فلا يترتب فيه ضرر الشريك بعدم الشفعة (١).

حقوق الارتفاق: تثبت الشفعة عند الحنفية (٢) في حقوق العقار، كالشِّرْب (النصيب من الماء في نوبة مالك الأرض) (٣) والطريق الخاصين. فإن لم يكونا خاصين، فلا يستحق بهما الشفعة. والطريق الخاص: أن يكون غير نافذ، فإن كان نافذاً فليس بخاص.

فلو كان هناك شِرْب نهر صغير مشترك بين قوم، تسقى أراضيهم منه، فبيعت أرض منها، فلكل أهل الشِّرْب من ذلك النهر الخاص الشفعة. أما لو كان النهر عاماً، فالشفعة فقط للجار الملاصق. ومثله الطريق الخاص، فكل أهله شفعاء.

وقال المالكية (٤): لا شفعة في الطريق (أي المجاز الذي يتوصل منه إلى ساحة الدار) إذا قسم بين الشريكين أو الشركاء متبوعُهما من البيوت إذا بقي الممر مشتركاً بينهما؛ لأنه لما كان تابعاً لما لا شفعة فيه، وهو البيوت المنقسمة، كان لا شفعة فيه.

وكذلك العَرْصة (ساحة الدار التي بين بيوتها، تسمى في عرف العامة بالحوش) لا شفعة فيها إذا قسم متبوعها، كحكم الطريق السابق.


(١) بداية المجتهد: ٢٥٥/ ٢، حاشية الدسوقي على الدردير: ٤٧٦/ ٣، الشرح الصغير: ٦٣٤/ ٣ ومابعدها، مغني المحتاج: ٢٩٧/ ٢، المهذب: ٣٧٧/ ١، المغني: ٢٨٩/ ٥.
(٢) تبيين الحقائق: ٢٣٩/ ٥ وما بعدها، الدر المختار: ١٥٤/ ٥، اللباب: ١٠٦/ ٢.
(٣) الشرب: هو نوبة الانتفاع بسقي الحيوان والزرع (م ١٢٦٢) مجلة.
(٤) الشرح الكبير: ٤٨٢/ ٣، الشرح الصغير: ٦٤٠/ ٣، بداية المجتهد: ٢٥٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>