للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب ـ وأما في حالة البناء والغرس: فللشفيع الأخذ بالشفعة أيضاً، لكن الفقهاء اختلفوا فيما يجب عليه من دفع قيمة البناء والغراس.

قال الحنفية في ظاهر الرواية (١): إذا بنى المشتري أو غرس فيما اشتراه، ثم قضي للشفيع بالشفعة، كان للشفيع الخيار: إن شاء كلف المشتري بالقلع وتخلية الأرض مما أحدث فيها؛ لأنه وضعه في محل تعلق به حق متأكد للغير من غير إذن، وتكون الأنقاض للمشتري، لا للشفيع، لزوال التبعية بالانفصال.

وإن شاء أخذ الأرض بالثمن الذي دفعه المشتري، على أن يدفع قيمة البناء والغرس مقلوعاً أي مستَحَق القلع أنقاضاً.

وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) (٢)، ورأيهم هو الأعدل: إن اختار المشتري قلع الغراس والبناء، لم يمنع إذا لم يكن فيه ضرر؛ إذ لا ضرر ولا ضرار؛ لأنه ملكه، فيملك إزالته ونقله، ولا يلزمه تسوية الأرض؛ لأنه غير متعد.

وإن لم يختر المشتري القلع، فالشفيع بالخيار بين ترك الشفعة، وبين دفع قيمة البناء والغراس مستَحَق البقاء.

وهذا هو رأي أبي يوسف أيضاً.

والسبب في اختلاف الرأيين كما قال ابن رشد الحفيد الفيلسوف في بداية المجتهد: تردد تصرف المشفوع عليه، العالم بوجوب الشفعة عليه بين شبهة تصرف الغاصب، وتصرف المشتري الذي يطرأ عليه الاستحقاق، عندما بنى في الأرض


(١) البدائع: ٢٩/ ٥، تبيين الحقائق: ٢٥٠/ ٥، المبسوط: ١١٤/ ١٤، الدر المختار: ١٦٤/ ٥، اللباب: ١١٨/ ٢ وما بعدها.
(٢) بداية المجتهد: ٢٦٠/ ٢، نهاية المحتاج، ومغني المحتاج: المكان السابق، المغني: ٣١٧/ ٥ وما بعدها، كشاف القناع: ١٧٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>