للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتاك خبيث يهدد طاقة الإنسان الجسدية والفكرية من دون فائدة مشروعة، ويعوِّد الإنسان على الخمول والكسل؛ لأنه محاولة للتوصل إلى كسب بلا جهد ولا عمل، وفضلاً عن ذلك فإنه يولّد بين الناس أحقاداً عميقة الجذور، ويثير شرارات نارية من المنازعات والاختلافات التي لا تنتهي ذيولها، حتى وصفه القرآن الكريم بأنه رجس من عمل الشيطان.

وأما الغش في المعاملات: فهو ممنوع منعاً مطلقاً لقوله صلّى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (١) إذ يهدم الثقة بين المتعاملين، ويجعل الحياة التجارية في اضطراب. ويشمل الغش كل أنواع الخلابة (أي خديعة المشتري) من خيانة (كذب في مقدار الثمن) .. وتناجش (إيهام الغير برغبة الشراء إغراء له به) وتغرير (إغراء بوسيلة كاذبة للترغيب في العقد) وتدليس العيب (كتمان عيب خفي في المعقود عليه) وغبن فاحش (وهو الإضرار بما يعادل نصف عشر القيمة في المنقولات والعشر في الحيوان، والخمس في العقارات) ومن صور الغبن: حالة تلقي الركبان، أي تلقي ابن المدينة قوافل الباعة الواردة من القرى والبوادي، وشراؤها بأقل من سعر السوق بغبن فاحش.

وأما الاحتكار فقد حرمه الإسلام تحريماً عاماً في كل ما يضرُّ بالناس حبسه ومنعه، وبخاصة السلع الغذائية وضروريات الناس الاستهلاكية؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» (٢) لأن الاحتكار أمر لصيق بتنظيم السوق، ولأن فيه من المخاطر التي يعاني منها النظام الرأسمالي، والسبب في تحريم الاحتكار أمر واضح وهو منع استغلال المحتكر للمستهلكين بمغالاته في الثمن،


(١) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه، لكنه ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>