للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل النظام الاقتصادي الإسلامي أبعد عن النظام الرأسمالي القائم في أصله على أساس من الحرية الفردية المطلقة.

لذا فإنه يحق للدولة التدخل في الملكيات غير المشروعة، كالملكية الحادثة بالسلب والقهر أو الاغتصاب، فترد الأموال إلى أصحابها أو تصادرها، وتستولي عليها بغير تعويض، سواء أكانت منقولة أم عقارية، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (١) وقوله: «ليس لعرْقٍ ظالمٍ حق» (٢)، وقوله: «من زرع أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء وله نفقته» (٣).

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشاطر بعض ولاته الذين وردوا عليه من ولاياتهم بأموال لم تكن لهم، استجابة لمصلحة عامة، وهو البعد بالملكية عن الشبهات، وعن اتخاذها وسيلة للثراء غير المشروع، وكذلك يحق للدولة التدخل في الملكيات الخاصة المشروعة لتحقيق العدل في التوزيع، سواء في حق أصل الملكية، أو منع المباح، أو في تقييد حرية التملك الذي هو من باب تقييد المباح، والملكية من المباحات قبل الإسلام وبعده إذا أدى استعمال الملك إلى ضرر عام. وعلى هذا فيحق لولي الأمر العادل أن يفرض قيوداً على الملكية الزراعية، فيحددها بمقدار مساحة معينة، أو ينتزعها من أصحابها إذا عطلها أو أهملها حتى خربت، أو ينزع ملكيتها من أي شخص مع دفع تعويض عادل عنها، إذا اقتضت المصلحة العامة أو النفع العام ذلك.

كماحدث في وقتنا الحاضر من تأميم المصارف والشركات الكبرى، وكما فعل عمر بن الخطاب في سبيل توسعة المسجد الحرام حينما ضاق على الناس،


(١) أخرجه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) والحاكم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
(٢) أخرجه أبو داود والدارقطني عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى.
(٣) أخرجه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) إلا النسائي عن رافع بن خديج رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>