للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرهقاً. وعلى الدولة العناية بالاستثمار والاستغلال المشروع والتنمية أكثر من اهتمامها بجباية ضرائب الإنتاج في الزراعة ونحوها، قال علي رضي الله عنه لأحد ولاته: «وليكن نظرك في عمارةالأرض (أي الإنتاج) أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج (أي من فرض الضرائب)؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة. ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً». وحث الإسلام في آيات وأحاديث متعددة كما عرفنا على العمل، واعتبره من أفضل موارد الكسب المشروع، ورأس وسائل الإنتاج. كما أنه هو أساس التفاضل بين الأفراد ومعيار تقييم الناس: «قيمة كل امرئ ما يحسنه» وقال سيدنا عمر: «إني لأرى الرجل فيعجبني، فإذا قيل: لا عمل له سقط من عيني». ومن هذا وجب إتقان الأعمال وتحسينها، قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (١). وينبغي الاتجاه إلى الكسب والعمل المنتج بدافع أو حافز داتي لقوله صلّى الله عليه وسلم «اليد العليا خير من اليد السفلى» (٢).

[٤ - كفالة القاصرين والعجزة عن العمل]

يجب على الأب كفاية ولده حتى البلوغ، وعلى الغني الموسر كفالة قريبه المعسر والإنفاق عليه إذا كان من الأصول والفروع. وأوجب بعض الفقهاء وهم الحنفية النفقة للمحارم كالإخوة والأعمام والعمات والأخوال والخالات. وجعل المذهب الحنبلي وجوب النفقة مع قاعدة الميراث، فإذا لم يكن للولد أو العاجز عن العمل أو الشيخ الهرم أحد يكفيه من أقاربه، وجبت كفايته من بيت المال.

وكان عمر رضي الله عنه يرتب نفقة للطفل منذ فطامه، ثم جعله منذ الولادة


(١) أخرجه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، لكنه ضعيف.
(٢) أخرجه أحمد والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه وهو حديث صحيح، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>