للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون البيع فاسداً عند الحنفية باطلاً عند الشافعية، لأنه يتم فيه البيع قبل القبض وبثمن مختلف.

أما المالكية: فإنهم قصروا المنع في بيع الشيء قبل قبضه على بيع الطعام (١) خاصة، إذا بيع بالكيل أو الوزن أو العد، أما غير الطعام أو الطعام المبيع جزافاً: فيجوز بيعه قبل قبضه، لغلبة تغير الطعام بخلاف ما سواه، ولمفهوم حديث ابن عمر الذي رواه أصحاب الكتب الستة ما عدا ابن ماجه أن رسول لله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاماً، فلا يبعه حتى يقبضه». والعلة في منع بيع الطعام قبل قبضه عندهم: هي أنه قد يتخذ ذريعة للتوصل إلى ربا النسيئة، فهو شبيه ببيع الطعام بالطعام نسيئة، فيحرم سد اً للذرائع (٢).

وأما الحنابلة: فقالوا: لا يجوز بيع الشيء قبل قبضه إذا كان كيلاً أو موزوناً أو معدوداً أي المقدرات، لسهولة قبض المكيل والموزون والمعدود عادة، فلا يتعذر عليه القبض، واستدلالاً بمفهوم حديث الطعام السابق، فإن تخصيصه الطعام بالنهي عن بيعه قبل قبضه، يدل على إباحة البيع فيما سواه، ولم يصح غيره من الأحاديث. واشتراط الكيل أو الوزن أو العد، لأن المكيل والموزون والمعدود لا يخرج من ضمان البائع إلى ضمان المشتري إلا بالكيل أو الوزن أو العدد، وقد نهى الرسول صلّى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يضمن. فالعلة في منع البيع عندهم هي الغرر كما قال الحنفية (٣).

وأما غير المكيل والموزون والمعدود، أي غير المقدرات، فيصح عند الحنابلة بيعه قبل قبضه.


(١) يشمل الطعام عنده كل ما تجب فيه الزكاة من الحبوب والأدم بجميع أنواعهاكالزيت والعسل ونحوها.
(٢) المنتقى على الموطأ: ٢٧٩/ ٤، بداية المجتهد: ١٤٢/ ٢.
(٣) المغني: ١١٠/ ٤، ١١٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>