للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم: «ادرأوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم» (١). «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلمين مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» (٢). قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبهات، فمن زنى أو سرق أو شرب خمراً جاهلاً بالتحريم بأن أسلم حديثاً أو نشأ في بلد بعيد عن العلماء أو سرق الدائن من مدينه مايعادل دينه، ولو كان الدين مؤجلاً، أو سرق الضيف من مضيفه، أو سرق أحد الزوجين من الآخر، أو سرق الشخص من أحد أقاربه المحارم، أو ادعى المتهم وجود زوجية بينه وبين امرأة، فلا يقام عليه الحد؛ لأن الشبهة تجعل له معذرة.

تقدير المخاوف والمخاطر: هناك بواعث داخلية نفسية ودينية كثيرة تبعث النفس على الإقلاع عن الخطيئة، وهي مقبولة عرفاً وقضاءً، أهمها الشعور بالندم، والخوف من عقاب الله وعذابه في الآخرة، وخشية الله في السر والعلن، والحياء من الله ومن الناس، ومن رقابة السلطة أو الدولة، وتقدير مخاطر الزج في قيعان السجون والتشهير وتشويه السمعة بالمثول أمام القضاء، ومحاكم الجنايات والجرائم، والتأثير على مورد المعيشة بالفصل من العمل أو الوظيفة مثلاً، وسقوط الاعتبار وسوء السمعة بين الناس، وغير ذلك من المثبِّطات التي تضعف روح الإقدام على الجريمة، وكلها من الدواعي والأسباب المانعة من الإجرام. كما أن تنمية الوازع الديني وإذكاء العاطفة والحرارة الدينية، والتربية الخلقية التي يغرسها


(١) أخرجه ابن عدي عن ابن عباس، وأخرجه مسدِّد في مسنده موقوفاً على ابن مسعود، وهو حسن، وأخرجه آخرون مرفوعاً مرسلاً.
(٢) أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي عن عائشة وغيرها، وفيه ضعيف، لكن له طرق يقوي بعضها بعضاً، قال البيهقي: الموقوف أقرب إلى الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>