للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتدارك ما قصروا فيه، وإصلاح ما أفسدوه، وتصحيح ما أخطؤوا فيه، والإقلاع عن كل مخالفة تغضب الله عز وجل. ولعل أخطر ما تجب ملاحظته أن أخطر الجرائم في الإسلام من شرك أو كفر أو نفاق، لا تعجل عقوبته في الدنيا، كما عرفنا، وإنما أرجأ الله الفصل في أمره إلى عالم الآخرة، جرياً على سنة الله تعالى في خلقه، قال الله تعالى: {وربُّك الغفور ذو الرَّحْمة، لو يؤاخذهم بما كَسَبوا، لعجَّل لهم العذابَ، بل لهم موعدٌ، لن يجدوا من دونه مَوْئلاً، وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا، وجعلنا لِمَهْلِكِهم موعداً} [الكهف:٥٨/ ١٨ - ٥٩]. وهذا دليل واضح على أنه ليس العدل فوق الرحمة أو على العكس، وإنما العدل والرحمة قرينان، لكن الرحمة فوق القوة، ورحمة الله وسعت كل شيء، قال الله تعالى: {ورحمتي وسِعَتْ كلَّ شيء ... } [الأعراف:١٥٦/ ٧] وقال سبحانه: {ربَّنَا وَسِعَتْ كلَّ شيء رحمة ً وعلماً ... } [غافر:٧/ ٤٠].

وبالرغم من ترك العقاب الدنيوي على الشرك ما لم يقترن بالعدوان أو الإشاعة والترويج بين الناس، فإن الله سبحانه إعذاراً وإنذاراً وإبعاداً للوم والعقاب، حذر تحذيراً شديداً من الشرك، وجعله قمة الجرائم ورأس الكفر وذروة الكفر وذروة الطغيان، وسمى القرآن أداة الشرك وهي الأصنام والشيطان طاغوتاً، فقال الله تعالى: {إن الله َ لا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ به ويِغْفِرُ ما دُون ذلك لمن يشاء ُ، ومن يُشْرِكْ بالله، فقد افترى إثماً عظيماً} [النساء:٤٨/ ٤] وقال سبحانه: {لا إكراهَ في الدِّين قد تبيَّن الرشدُ من الغيَّ، فمن يكفرْ بالطاغوت، ويؤمنْ بالله، فقد استمسك بالعُرْوةِ الوثقى، لا انفصامَ لها، والله ُ سميعٌ عليم} [البقرة:٢٥٦/ ٢] وقال عزَّ وجل: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوتُ .. } [البقرة:٢٥٧/ ٢] وقال سبحانه {الذين آمنوا يُقاتِلون في سبيلِ الله، والذين كفَروا يقاتلون في سبيل الطاغوت .. } [النساء:٧٦/ ٤]: والطاغوت: كل ماعبد من دون الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>