للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الأصوليون غير المعتزلة. وحكم الشرع دائماً مقيد بالمصلحة العامة، ودفع الضرر العام. فإن لم تكن هناك مصلحة عامة أو ضرر عام، روعيت المصلحة الشخصية، دون إضرار بالآخرين. ويقسم ابن تيمية رحمه الله الجرائم التعزيرية، من ناحية أصل التكليف إلى قسمين:

الأول: ما تكون العقوبة فيه على إتيان فعل نهى الله عنه كالغش، والتزوير، وشهادة الزور (أي التي ظهر أمرها للقاضي) وخيانة الأمانة، والتدليس ... الخ.

الثاني: ما تكون العقوبة فيه على ترك واجب أو على الامتناع من أداء حق، وتكون هذه العقوبة بقصد حمل الشخص على أداء الواجب أو الحق، كعقوبة تارك الزكاة، فهي للحمل على الأداء وليست على ترك الزكاة، فإن أداها التارك فلا عقاب. وكذلك الحال بالنسبة لحبس المرتد، فإن تاب فلا عقاب، وحبس المدين المماطل، فإن وفى الدين فلا عقاب (١).

والعقوبات التعزيرية: هي التوبيخ أو الزجر بالكلام، والحبس، والنفي عن الوطن، والضرب. وقد يكون التعزير بالقتل سياسة في رأي الحنفية وبعض المالكية، وبعض الشافعية إذا كانت الجريمة خطيرة تمس أمن الدولة أو النظام العام في الإسلام، مثل قتل المفرّق جماعة المسلمين، أو الداعي إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم، أو التجسس، أو انتهاك عرض امرأة بالإكراه، إذا لم يكن هناك وسيلة أخرى لقمعه وزجره (٢).


(١) الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي للأستاذ المرحوم محمد أبو زهرة: ١٢٢/ ١.
(٢) الفروق للقرافي: ٧٩/ ٤، الاعتصام للشاطبي: ١٢٠/ ٢، الطرق الحكيمة لابن القيم: ص ١٠١ وما بعدها، أحكام القرآن للجصاص: ٤١٢/ ٢، تبيين الحقائق: ٢٠٧/ ٢، المغني: ٣٢٨/ ٩، رد المحتار: ١٩٦/ ٣، الشرح الكبير للدردير: ٣٥٥/ ٤، المهذب: ٢٤٢/ ٢، غاية المنتهى: ٣٣٤/ ٣، السياسة الشرعية لابن تيمية: ص ١١٤، الحسبة لابن تيمية: ص٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>