للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة على الرجوع عن قراره، وقد هرب ماعز من أرض قليلة الحجارة إلى أرض كثيرة الحجارة (١).

وإذا كان المحدود امرأة، فقال الحنفية: يخير الإمام في الحفر لها، إن شاء حفر لها وإن شاء ترك الحفر، أما الحفر فلأنه أستر لها، وقد روي أن الرسول صلّى الله عليه وسلم حفر للمرأة الغامدية إلى ثَنْدوتها (أي ثديها) (٢). وأما ترك الحفر فلأن الحفر للستر وهي مستورة بثيابها؛ لأنها لا تجرد عند إقامة الحد.

وقال الشافعية: الأصح استحباب الحفر للمرأة إن ثبت زناها بالبينة، لئلا تنكشف، بخلاف ما إذا ثبت زناها بالإقرار لتتمكن من الهرب إن رجعت عن إقرارها.

وقال المالكية والحنابلة: لا يحفر للمرأة، لعدم ثبوته. قال ابن رشد: وبالجملة فإن الأحاديث في ذلك مختلفة. والمشهور عند المالكية أنه لا يحفر للمرجوم حفرة. وقال أحمد (٣): أكثر الأحاديث على ألا حفر، فإن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يحفر للجهنية ولالماعز، ولا لليهوديين (٤).


(١) المبسوط: ١٥/ ٩، بداية المجتهد: ٤٢٩/ ٢، المنتقى على الموطأ: ١٤٢/ ٧، القوانين الفقهية: ص ٣٥٦، حاشية الدسوقي: ٣٢٠/ ٤، مغني المحتاج: ١٥٣/ ٤، المغني: ١٥٨/ ٨، البدائع: ٥٩/ ٧، فتح القدير: ١٢٨/ ٤.
(٢) رواه أبو داود في سننه عن أبي بكر أن النبي صلّى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندرة، قال الزيلعي: وفيه مجهول. وروى مسلم وأحمد وأبو داود قصة الغامدية، وذكر فيها: «ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها» (راجع جامع الأصول: ٢٩٤/ ٤، نصب الراية: ٣٢٥/ ٣، التلخيص الحبير: ص ٣٥٣، نيل الأوطار: ١٠٩/ ٧).
(٣) المراجع السابقة.
(٤) كونه صلّى الله عليه وسلم لم يحفر لماعز: ثابت في رواية أبي سعيد الخدري كما سبق بيانه، وأما عدم الحفر للجهنية فهو استدلال بظاهر الحديث الذي رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن عمران بن حصين، فإنه قال: «فأمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها» فلم يذكر الحفر، قال ابن حجر في التلخيص: «لكنه استدلال بعدم الذكر، ولا يلزم منه عدم الوقوع» وكذلك الحديث الذي رواه أحمد والشيخان عن ابن عمر في قصة رجم اليهوديين لم يذكر فيه الحفر (راجع التلخيص الحبير: ص ٣٥٣، نيل الأوطار: ٩٢/ ٧، ١١١، سبل السلام: ١١/ ٤، جامع الأصول: ٢٧٧/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>