للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل الشيخين: أنه قذفه بما لا يتصور، فيلغو، ودليل عدم التصور أنه قذفه بفعل المرأة وهو التمكين؛ لأن الهاء في الزانية هاء التأنيث كالضاربة والقاتلة والسارقة ونحوها، وهو لا يتصور من الرجل، بخلاف ما إذا قال لامرأة: (يا زاني)؛ لأنه أتى بمعنى الاسم، وحذف الهاء في نعت المرأة لا يخل بمعنى القذف، وهاء التأنيث قد تحذف في الجملة كالحائض والطالق والحامل ونحوها.

فيفهم منه حكم ما لو قال لامرأته: (يا زاني) فإنه يحد بالاتفاق بين الحنفية والشافعية. ولو قال: (يا زانئ) بالهمزة وعنى به الصعود، يحد؛ لأن العامة لا تفرق بين المهموز والملين، وبعض العرب يهمز الملين، فيبقى مجرد النية، فلا يعتبر.

ولو قال: (زنأت في الجبل) وعنى به الصعود، فلا يصدق، ويحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمد: يصدق ولا يحد.

دليل محمد: أن الزنا الذي هو فاحشة ملين، والزنأ الذي هو صعود مهموز. فإذا قال: عنيت به الصعود، فقد عنى به ماهو موجب اللفظ لغة، فلزم اعتباره.

ودليل الشيخين: أن اسم الزنا يستعمل في الفجور عرفاً وعادة، والعامة لا تفصل بين المهموز والملين، فلا يصدق في الصرف عن المتعارف.

وقال الشافعية (١): إن قال: زنأت في الجبل، فليس بقذف من غير نية؛ لأن الزنأ هو الصعود في الجبل، بدليل قول الشاعر:

وارق إلى الخيرات زنأً في الجبل


(١) المهذب: ٢٧٣/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>