للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القذف بالشهادة والإقرار. أما على أصل الشافعي فلأن حد القذف حق خالص للعبد، فيشترط فيه الدعوى، كما في سائر حقوق العباد، ويسقط إذا عفا عنه، بدليل ما روى ابن السني: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ كان يقول: تصدقت بعرضي» والتصدق بالعرض لا يكون إلا بالعفو عما يجب له.

وأما عند الحنفية: فحد القذف وإن كان المغلب فيه حق الله عز وجل، ولكن للشخص فيه حق؛ لأنه ينتفع به بصيانة عرضه عن الهتك، فيشترط فيه رفع الدعوى عن جهة حق الشخص؛ لأن حق الشخص الخاص لا يثبت إلا بمطالبته وخصومته (١). وسأتكلم عن الخصومة في موضعين: حكم الخصومة، ومن يملك الخصومة.

حكم الخصومة أو الدعوى: الأفضل للمقذوف أن يترك الخصومة؛ لأن فيها إشاعة الفاحشة، وهو مندوب إلى تركها، وكذا العفو عن الخصومة أفضل لقوله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم} [البقرة:٢٣٧/ ٢] ويستحسن للقاضي إذا رفع الأمر إليه أن يرغب المدعي بترك الدعوى (٢).

[من يملك الخصومة ومن لا يملكها]

المقذوف: إما أن يكون حياً وقت القذف، وإما أن يكون ميتاً. فإن كان حياً فلا خصومة لأحد سواه، ولو كان ولداً أو والداً له، سواء أكان حاضراً أم غائباً؛ لأنه إذا كان حياً وقت القذف، كان هو المقذوف صورة ومعنى بإلحاق العار به، فكان حق الخصومة له.


(١) البدائع: المرجع السابق: ص ٥٢، المهذب: ٢٧٤/ ٢.
(٢) البدائع، المرجع السابق: ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>