للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل العبرة في الخفية لزعم السارق أن رب الدار لم يعلم به أم لزعم أحدهما وإن كان رب الدار؟ فيه خلاف عند الحنفية. ويظهر الخلاف فيما لو ظن السارق أن رب الدار علم به، مع أنه لم يعلم، فالخفية هنا في زعم رب الدار، لا في زعم السارق، فعند الزيلعي: لا يقطع؛ لأن شرط السرقة أن تكون خفية على زعم السارق. وفي الخلاصة والمحيط والذخيرة: يقطع اكتفاء بكونها خفية في زعم أحدهما. أما لو زعم اللص أن المالك لم يعلم به مع أنه عالم، يقطع، اكتفاء بزعمه الخفية. وكذا لو يعلما معاً، وأما لو علما

بالأخذ معاً فلا قطع (١).

واتفق العلماء على أنه ليس في الاختطاف أو الخيانة فيما ائتمن عليه أو الاختلاس أو النهب أو الغصب حد، لقوله عليه الصلاة والسلام:

«ليس على الخائن ولا المختلس قطع» (٢) وقوله أيضاً: «ليس على المنتهب قطع» (٣).

والاختلاس: أن يستغل صاحب المال فيخطفه ويذهب بسرعة جهراً، فهو من يتعمد الهرب.

والخائن: هو الذي يضمر ما لا يظهره في نفسه. والمراد به: هو الذي يأخذ المال خفية من مالكه، مع إظهاره له النصيحة والحفظ.


(١) راجع الدر المختار ورد المحتار: ٢١٢/ ٣، العناية وفتح القدير: ٢١٩/ ٤، تبيين الحقائق: ٢١٢/ ٣.
(٢) حديث قوي رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان، وأخرجه أيضاً الحاكم والبيهقي عن جابر بن عبد الله بلفظ: «ليس على خائن، ولا منتهب، ولامختلس قطع» وفي لفظ: «ليس على المختلس ولا على الخائن قطع» وفي رواية أبي داود: «ليس على المنتهب قطع، ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا» ورواه الطبراني في معجمه الوسط عن أنس بن مالك بلفظ: «ليس على منتهب، ولا مختلس، ولا خائن قطع» (راجع جامع الأصول: ٣٢١/ ٤، نصب الراية: ٣٦٣/ ٣، التلخيص الحبير: ص ٣٥٦، نيل الأوطار: ١٣٠/ ٧، سبل السلام: ٣٣/ ٤).
(٣) هذه هي رواية أبي داود عن جابر، كما ذكر في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>