للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ملك السارق المال المسروق قبل رفع الأمر إلى القضاء بلا خلاف، فإن ملكه بعدئذ قبل إمضاء الحكم، فاختلف فيه الفقهاء: فقال أبو حنيفة ومحمد: يسقط الحد، كما إذا وهب أو باع المسروق منه المال المسروق للسارق قبل القضاء أو بعده قبل إصدار الحكم.

وقال أبو يوسف والشافعي وأحمد ومالك: إذا وهبه بعد القضاء، أي بعد ما رفع إلى الحاكم، لم يسقط القطع، لما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر في سارق رداء صفوان أن تقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «فهلا قبل أن تأتيني به؟» (١).

ودليل الطرفين: أن الملك في الهبة يثبت من وقت القبض، فيظهر الملك له من ذلك الوقت، أي أن له أثراً رجعياً. وكون المسروق ملكاً للسارق على الحقيقة أو مع الشبهة، يمنع من القطع، ولهذا لم يقطع قبل القضاء، فكذلك بعده؛ لأن القضاء في باب الحدود إمضاؤها، فما لم يمض الحد (أي ينفَّذ فعلاً بأن يقام على المحدود) فكأنه لم يقض. ولو كان لم يقض لا يقطع، فكذلك إذا لم يمض، أي لم ينفَّذ الحد، والمعنى أنهم اعتبروا الحد قبل استيفائه، كما لو كان قبل القضاء به.

زراعة عضو استؤصل في حد: تقدمت ببحث إلى مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام ١٤١٠ هـ١٩٩٠/م في دورته السادسة مفاده عدم جواز إعادة العضو المقطوع في حال القصاص، بعملية جراحية، مراعاة لمصلحة المقتص له، وكذلك عدم جواز إعادة العضو المقطوع في حد من الحدود الخالصة للعبد، ورأيت جواز إعادة العضو إذا ثبت الجرم بالإقرار؛ لجواز الرجوع عنه، وكذلك إذا ثبت الجرم


(١) المهذب: ٢٨٢/ ٢، البدائع، المرجع السابق: ص ٨٩، غاية المنتهى: ٣٣٧/ ٣، المنتقى على الموطأ: ١٦٢/ ٧، والحديث رواه أصحاب السنن من حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>