للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الحد عقوبة، فتستدعي جناية، وفعل الصبي والمجنون لا يوصف بكونه جناية، كما سبق بيانه، وأما المرأة: فلا يتحقق منها قطع الطريق لضعفها.

وقال أبو يوسف: العبرة بمباشرة القطع، فإذا باشرت المرأة القطع حد الرجل كما تبين، ولا تحد المرأة، فإن قتلت أحداً تقتل قصاصاً، لا حداً، فيجوز لولي القتيل العفو عن القصاص.

وإذا باشر الصبي أو المجنون القطع لا يحد أحد، وإن كانت المباشرة من غيرهما، فيحد العقلاء البالغون، ولا يحد الصبي أو المجنون. ودليله أن القطع هو الأصل في قطع الطريق، والإعانة كالتابع، فإذا وليه الصبي، فقد أتى بالأصل، فإذا لم يجب القطع بالأصل، فكيف يجب بالتابع، فإذا وليه البالغ فقد حصل الأصل منه (١).

وقال المالكية والشافعية والحنابلة: لا يسقط حد القطع عن قطاع الطرق إذا كان فيهم صبي أو مجنون أو ذو رحم من المقطوع عليه؛ لأن وجود هؤلاء شبهة اختص بها واحد، فلم يسقط الحد عن الباقين، كما لو اشتركوا في وطء المرأة. وعلى هذا فلا حد على الصبي والمجنون وإن باشر القتل وأخذ المال؛ لأنهما ليسا من أهل الحدود، وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما، ودية قتيلهما على عاقلتهما، أي أقاربهما من العصبات.

وأما المرأة إذا كانت مشتركة مع القطاع، فيثبت في حقها حكم المحاربة؛ لأنها تحد في السرقة، فيلزمها حكم المحاربة كالرجل، وتقتل حداً إن قتلت، وأخذت المال (٢).


(١) البدائع: ٦٧/ ٧، ٩١، فتح القدير: ٢٧٣/ ٤، تبيين الحقائق: ٢٣٩/ ٣، المبسوط: ٢٠٣/ ٩.
(٢) حاشية الدسوقي: ٣٤٨/ ٤، مغني المحتاج: ١٨٠/ ٤، الميزان: ١٦٩/ ٢، المغني: ٢٩٧/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>