للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكر، أما حد الشرب: فهو الذي يجب بشرب الخمر خاصة، حتى يجب الحد بشرب قليلها وكثيرها، ولا يتوقف الوجوب على حصول السكر منها. قال صلّى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر فاجلدوه .. » (١) والخمر كما سأبين: ماء العنب النيء المتخمر، وسميت الخمر خمراً إما لأنها تخمر العقل، أي تستره، وإما لأنها تخامر العقل، أي تخالطه، وإما لأنها تخمر نفسها لئلا يقع فيها شيء يفسدها.

وأما حد السكر: فهو الذي يجب عند السكر الحاصل بشرب ما سوى الخمر من الأشربة المعهودة المسكرة (٢)، التي سيأتي بيانها.

ولم يفرق جمهور الفقهاء بين شرب الخمر وغيرها، فقالوا: كل شراب أسكر كثيره، فقليله حرام، وهو خمر، حكمه حكم عصير العنب في تحريمه، ووجوب الحد على شاربه (٣)، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» (٤).


(١) روي عن اثني عشر صحابياً: وهم أبو هريرة، ومعاوية، وابن عمر، وقبيصة بن ذؤيب، وجابر، والشريد بن سويد، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمرو، وجرير بن عبد الله البجلي، وابن مسعود، وشرحبيل بن أوس، وغطيف بن الحارث. فحديث أبي هريرة أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي، وحديث معاوية أخرجوه إلا النسائي، وحديث ابن عمر وجابر أخرجهما النسائي، وحديث قبيصة رواه أبو داود، وحديث الخدري رواه ابن حبان، وحديث غطيف رواه البزار، وأحاديث الصحابة الآخرين رواها الحاكم، فهو متواتر (راجع نصب الراية: ٣٤٦/ ٣ وما بعدها، جامع الأصول: ٣٣٣/ ٤ وما بعدها، مجمع الزوائد: ٢٧٧/ ٦، نيل الأوطار: ١٤٦/ ٧).
(٢) البدائع: ٣٩/ ٧، تبيين الحقائق: ١٩٥/ ٣، فتح القدير: ١٧٨/ ٤.
(٣) بداية المجتهد: ٤٣٤/ ٢، مغني المحتاج: ١٨٧/ ٤، المغني: ٣٠٤/ ٨، المهذب: ٢٨٦/ ٢، المنتقى على الموطأ: ١٤٧/ ٣.
(٤) رواه بهذا اللفظ مسلم والدارقطني عن ابن عمر، ورواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجه بلفظ: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام» وكذلك رواه ابن حبان وعبد الرزاق والدارقطني. وروي عن صحابة آخرين مثل أنس بن مالك وعمر بن الخطاب، وقرة بن إياس، وقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وميمونة، وأبي موسى الأشعري، وغيرهم، حتى إنه بلغ رواة هذا الحديث ستة وعشرين صحابياً أحصيناها في تخريج أحاديث تحفة الفقهاء: ٤٤٩/ ٣، فهو متواتر (وراجع أيضاً نصب الراية: ٢٩٥/ ٤، التلخيص الحبير: ص ٣٥٩، مجمع الزوائد: ٥٧/ ٥، نيل الأوطار: ١٧٣/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>