للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق المدينة» (١) وقال صلّى الله عليه وسلم: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» (٢)، إلا أنها تورث؛ لأن الملك في الموروث ثبت شرعاً من غير صنع العبد، فلا يكون ذلك من باب التمليك والتملك، والخمر إن لم تكن متقومة، فهي مال قابل للملك في الجملة.

٤ - لا يضمن متلفها إذا كانت لمسلم؛ لأنها ليست متقومة في حق المسلم، وإن كانت مالاً في حقه.

٥ - إنها نجسة نجاسة مغلظة، حتى إذا أصاب الثوب ـ في رأي الحنفية ـ أكثر من قدر الدرهم، يمنع جواز الصلاة؛ لأن الله تعالى سماها رجساً، فقال سبحانه: {رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة:٩٠/ ٥]. والظاهر أن المراد من كلمة (رجس) هو النجاسة المعنوية الشرعية (٣)، إلا أن الأمر بالاجتناب يقتضي الابتعاد عن الخمر ابتعاداً شديداً، وقد حكم الجمهور بنجاسة الخمر وسائر المسكرات المائعة فوق تحريم شربها تنفيراً وتغليظاً، وزجراً عن الاقتراب منها (٤)، يدل لنجاستها حديث أبي ثعلبة الخشني قال: يا رسول الله، إنا بأرض أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: (إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم


(١) الأحاديث في تحريم الخمر متواترة، منها: ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري بلفظ: «إن الله حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية، وعنده منها شيء، فلا يشرب ولا يبيع، قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طرق المدينة، فسفكوها» ومنها ما أخرجه الإمام أحمد عن عائشة: «كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق، فملء الكف منه حرام» والفَرق بإسكان الراء: مئة وعشرون رطلاً، وبفتحها ستة عشر رطلاً. ومنها ما أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان عن جابر: «ما أسكر كثيره، فقليله حرام». (راجع نيل الأوطار: ١٦٩/ ٨، نصب الراية: ٢٩٦/ ٤ وما بعدها، مجمع الزوائد: ٥١/ ٥، فيض القدير: ٤٢٠/ ٥).
(٢) أخرجه أحمد ومسلم والنسائي عن ابن عباس، ورواه الحميدي في مسنده عن أبي هريرة (راجع نيل الأوطار، المرجع السابق).
(٣) تفسير المنار: ٥٨/ ٧.
(٤) الفقه على المذاهب الأربعة: ١٨/ ١، حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج: ٦٨/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>